معارف إِلٰهيَّة : ( 26) قضايا و تنبيهات / القضيَّة و التَّنْبِيه السادس و العشرون
23/04/2024
القضيَّة و التَّنْبِيه السادس و العشرون: / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / قصور التصانيف من شمول جملة علومها/ / جملة العلوم والمعارف مُودعة في البديهيَّات/ / فتقُ غير المعصوم للبديهيَّات لا يكون إِلَّا بالتَّدريج/ هناك كثير من المتواترات والمُبدَّهات والضروريَّات الثَّابتة في بيانات الوحي ؛ والبديهيَّات(1) والضروريَّات الثابتة إِرتكازاً عند المسلمين فضلاً عن المؤمنين مغفول عنها تفصيلاً في كُتُب العقائد والمعارف والكلام وكلمات الأَعلام ، ومن ثَمَّ يحتاج فتقها وبلورتها إِلى تنامي في العقل البشري. وهذه القضيَّة لا تختصُّ بالعلوم الدينيَّة ، بل تشمل أَيضاً جملة العلوم البشريَّة ، ومن ثَمَّ ذهب المناطقة والفلاسفة والمُتكلِّمون وذوي المعرفة والعقليَّات إِلى أَنَّ جملة العلوم ومسائل العلم والمعرفة مُودعة في البديهيَّات ، لكنَّها تحتاج إِلى مَنْ يُفكِّكها ويخرج لباب دررها. فاللّٰـه عزَّوجلَّ والمعصوم عليه السلام لهما القدرة على تفكيكها من دون تدريج ، بخلاف سائر البشر؛ فإِنَّ لهم القدرة على تفكيكها ، لكن بشكلٍ تدريجي جيلاً بعد جيل. وهذه نكتة مُهمَّة. وعليه : فلا يُستَغْرَب وصول جيل من علماء المسلمين إِلى حقائق في الدِّين ـ استناداً للضروريَّات والبديهيَّات والمتواترات ـ غفلت عنها أَجيال المُتقدِّمين ، مع أَنَّها واقعة بين أَيديهم ، لكنَّهم لم يلتفتوا إِليها ومن ثَمَّ غفلوا عن فتقها وبلورتها. / الفارق بين البِدْعَة والتَّحقيق والتَّجديد/ وهذه القضيَّة ليست من البِدْعَة في شيءٍ ، بل تحقيقٌ وتجديدٌ في الدِّين. بعد الإِلتفات : أَنَّ الفاصل والفارق بين التَّحقيق والبِدْعَة يكمن في : أَنَّ النتائج الَّتي يتوصَّل إِليها الباحث عبر التَّحقيق تكون على وفق الموازين العلميَّة ؛ وإِنْ كانت موازين ظنيَّة فضلاً عن الضَّروريَّة والبديهيَّة والمتواترة. بخلاف البِدْعَة ؛ فإِنَّها لا تكون على وفق الموازين العلميَّة. وهذا بحثٌ مُهمٌّ ، وجدليَّة ولغط دائر بين الأَصالة والتَّجديد ، فالأَصالة إِذا كانت بمعنىٰ عدم فتق علوم وحقائق الدِّين فهذه أَصالة مذمومة جامدة. أَمَّا إِذا كانت بمعنىٰ : أَنَّ كُلَّ نتيجة يُتوصَّل إِليها ـ سوآء أَكانت ظنيَّة معتبرة أَو يقينيَّة وقطعيَّة ـ لابُدَّ أَنْ تكون على وفق ثوابت وضروريَّات وبديهيَّات ومتواترات الدِّين والشَّريعة ـ والمُعبَّر عنها : بـ : (العرض على الكتاب الكريم والسُّنَّة الشَّريفة) ـ فهذه أَصالة حيَّة ونشطة. وعليه : فالتَّجديد : إِنْ كان يتوافق مع بديهيَّات وضروريَّات ومتواترات الدِّين والشَّريعة فهذا تجديد يتوافق ويتطابق ويتعانق مع الأَصالة. وإِنْ كان ـ التَّجديد ـ يصطكُّ ويتدافع ويتنافىٰ مع بديهيَّات وضروريَّات ومتواترات الدِّين والشَّريعة فهذا هو البِدْعَة. وهذه نكاتٌ ونتفٌ منهجيَّة ، يجب الإِلتفات إِليها ، والتَّعامل معها في البحوث العقائديَّة والمعرفيَّة والعلميَّة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الإٍلتفات : أَنَّ تبدُّه مباحث التَّوحيد والنُّبوَّة والوحي والإِمامة والمعاد وسائر أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة مبتنية على التنزيل والتدريج ، بل قابليَّة وطبيعة الإِنسان ، بل وطبيعة عَالَم الدُّنيا مبتنية على ذلك.