الرئيسية | تنبيهات وقضايا وملاحظات | قضايا و تنبيهات | معارف إِلٰهيَّة : ( 57 ) قضايا و تنبيهات / القضيَّة و التَّنْبِيه السابع و الخمسون

معارف إِلٰهيَّة : ( 57 ) قضايا و تنبيهات / القضيَّة و التَّنْبِيه السابع و الخمسون

23/04/2024


القضيَّة و التَّنْبِيه السابع و الخمسون: / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين . / ثبوت آليَّات إِمامة أَهل البيت عليهم السلام منذُ بدأ الخليقة/ إِنَّه حينما يرد في بيانات الوحي : أَنَّ الإِمام من أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم أُوتي منصب الإِمامة الإِلٰهيَّة في سنِّ (كذا) فمعناه : أَنَّ إِمامته وبعثة الإِمامة الإِلٰهيَّة فُعِّلت في حقِّه في هذه النشأة الأَرضيَّة في ذلك السنّ المُبارك ، أَمَّا ما زوِّد به من آليَّات الإِمامة الإِلٰهيَّة كـ : (العلم اللدنِّي) لم تُعطَ له في ذلك السن فحسب ، بل وليس من حين ولادته ، ولا في أَرحام أُمَّهاته(1) أَو أَصلاب آبائه صلوات اللّٰـه عليهم ، وإِنَّما مُنذُ أَوَّل وجوده وكينونته في العوالم السَّالفة. وهذه نكتة مُهمَّة جِدّاً يجدر الإِلتفات إِليها. ومنه تتَّضح كثير من بيانات الوحي الواردة في المقام ، منها : 1ـ ما ورد عن أَمير المؤمنين عليه السلام في بيان ولادة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... ومحمَّد صلى الله عليه واله سقط من بطن أُمِّه ، واضعاً يده اليسرىٰ على الأَرض ، ورافعاً يده اليُمنىٰ إِلى السَّماء ويُحرِّك شفتيه بالتَّوحيد ، وبدا من فيه نوراً...»(2). 2ـ ما ورد عن سيِّد الأَنبياء في بيان ولادة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهم وعلى آلهما : «... ولقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة عَلِيّ ، فقال: يا حبيب اللّٰـه ، العَلِيّ الأَعلىٰ يقرء عليكَ السَّلَام ويُهنئكَ بولادة أَخيكَ عَلِيّ، ويقول : هذا أَوَان ظهور نُبوَّتك ، وإِعلان وحيكَ ، وكشف رسالتكَ ، إِذ أَيدتكَ بأَخيكَ ووزيركَ وصنوكَ وخليفتكَ ، ومَنْ شددتُ به أَزركَ ، وأَعلنتُ به ذكركَ ، فقم إِليه واستقبله بيدكَ اليمنىٰ ... فقمتُ مبادراً فوجدتُ فاطمة بنتُ أَسد أُمّ عَلِيّ وقد جاء لها المخاض ... فقال حبيبي جبرئيل : ... أُمدد يدكَ يا مُحمَّد ، فمددتُ يدي اليمنىٰ نحو أُمَّه فإذا أَنا بعَلِيٍّ على يدي ، واضعاً يده اليمنىٰ في أُذنه اليمنىٰ ، وهو يؤذِّن ويُقيم بالحنيفيَّة ، ويشهد بوحدانيَّة اللّٰـه (عزَّوجلَّ) وبرسالاتي(3)، ثُمَّ انثنىٰ إِلَيَّ وقال : السَّلَام عليكَ يا رسول اللّٰـه، ثُمَّ قال لي : يا رسول اللّٰـه أَقرء ؟ قلتُ: اِقرء ، فوالَّذي نفس مُحمَّد بيده ، لقد ابتدأ بالصحف الَّتي أَنزلها اللّٰـه (عزَّوجلَّ) على آدم ، فقام بها ابنه شيث؛ فتلاها من أَوَّل حرف فيها إِلى آخر حرف فيها ، حتَّىٰ لو حضر شيث لأَقَرَّ لَه أَنَّه أَحفظ له منه ، ثُمَّ تلا صحف نوح ، ثُمَّ صحف إِبراهيم ، ثُمَّ قرأ توراة موسىٰ حتَّىٰ لو حضر موسىٰ لأَقرَّ له بأَنَّه أَحفظ لها منه ، ثُمَّ قرأ زبور داود حتَّىٰ لو حضر داود لأَقرَّ بأَنَّه أَحفظ لها منه ، ثُمَّ قرأ إِنجيل عيسىٰ حتَّىٰ لو حضر عيسىٰ لأَقَرَّ بأَنَّه أَحفظ لها منه ، ثُمَّ قرأ القرآن الَّذي أَنزله اللّٰـه عَلَيَّ من أَوَّله إلى آخره ، فوجدته يحفظ كحفظي له السَّاعة من غير أَنْ أَسمع منه آية ، ثُمَّ خاطبني وخاطبته بما يُخاطَب الأَنبياء الأَوصياء ، ثُمَّ عاد إِلى حال طفوليَّته ، وهٰكذا أَحَد عشر إِماماَ من نسله ...»(4). 3ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللّٰـه عليه : «للإِمام علامات : ... وإِذا وقع إِلى الأَرض من بطن أُمِّه وقع على راحتيه ، رافعاً صوته بالشَّهادتين...»(5). 4ـ ما ورد في بيان ولادة الحُجَّة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه ، عن نسيم ومارية : «أَنَّه لَـمَّا خرج صاحب الزمان من بطن أُمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابتيه إلى السَّماء ، ثُمَّ عطس وقال : الحمد للّٰـه ربِّ العالمين ، وصلَّىٰ اللّٰـه على مُحمَّد وآله عبداً داخراً لِلّٰـه ، غير مستنكف ولا مستكبر، ثُمَّ قال : زعمت الظلمة : أَنَّ حُجَّة اللّٰـه داحضة ، ولو أُذن لنا في الكلام لزال الشَّكَّ»(6). ودلالة الجميع واضحة ، ولا غبار عليها. / باستشهاد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله انقطعت درجة من درجات الوحي / ثُمَّ إِنَّ عقيدتنا نحن الإِماميَّة بعدم انقطاع علم أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم اللدنِّي بعد استشهاد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ورحيله إِلى الرفيق الأَعلىٰ. ومنه تتَّضح : بيانات الوحي الواردة في المقام ، منها : 1ـ بيان شعر فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها الوارد في حقّ أَبيها صلى الله عليه واله بعد رحيله : ( 7) «قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغبتَ عنَّا وكلّ الخير محتجب»(8) 2ـ بيان زيارته صلى الله عليه واله : «... أُصبنا بكَ يا حبيب قلوبنا ، فما أَعظم المصيبة بكَ حيث انقطع عنَّا الوحي ، وحيث فقدناكَ ، فإِنَّا للّٰـه وإِنّا إِليه راجعون ...»(9). فإِنَّ المراد منها ليس انقطاع تمام الوحي عن سائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، بل انقطاع درجة ونور عظيم ومرتبة صاعدة من مراتبه عنهم صلوات اللّٰـه عليهم. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الإِلتفات : أَنَّه ليس المراد من معنىٰ : «الأَرحام المُطهَّرة» الوارد في بيانات الوحي الواصفة لأَحد العوالم السالفة الَّتي مرَّ بها أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم طهارة تلك الأَرحام من الفاحشة فحسب ، بل مطهَّر من مطلق الذنوب. وهذه ضرورة دينيَّة متواترة عند الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه) ، فجملة الأَرحام الَّتي مرَّت بها حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم في عَالَم الأَرحام مطهَّرة ومعصومة إِلى حواء. وعلى هذا قس: بيان قوله تعالىٰ الوارد في حقِّ سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : [وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219] ، فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ جميع آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ـ ويتبعه سائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ـ إِلى آدم عليه السلام مُوحِّدين ، بل معصومين : إِمَّا أَنبياء أَو أَوصياء. وهذه ضرورة دينيَّة أُخرىٰ متواترة أَيضاً ومجمع عليها عند الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه تعالىٰ). فانظر : ما ذكره صاحب البحار المجلسي + : «اتَّفقت الإِماميَّة (رضوان اللّٰـه عليهم) على أَنَّ والدي الرسول وكُلّ أَجداده إِلى آدم عليه السلام كانوا مسلمين ، بل كانوا من الصدِّيقين : إِمَّا أَنبياء مرسلين ، أَو أَوصياء معصومين ، ولعلَّ بعضهم لم يظهر الإِسلام تقيَّة أو لمصلحة دينيَّة. قال أَمين الدِّين الطبرسي & في مجمع البيان : «قال أَصحابنا : ... أَنَّ آباء النَّبيّ صلى الله عليه واله إِلى آدم كُلّهم كانوا مُوحِّدين ، وأَجمعت الطائفة على ذلك ، ورووا عن النَّبيّ صلى الله عليه واله أَنَّه قال : «لم يزل ينقلني اللّٰـه من أَصلاب الطَّاهرين إِلى أَرحام المطهَّرات حتَّىٰ أَخرجني في عَالَمكم هذا ، لم يدنسني بدنس الجاهليَّة». ولو كان في آبائه عليه السلام كافر لم يصف جميعهم بالطهارة ، مع قوله سبحانه : [إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]. ولهم في ذلك أدلَّة ليس هنا موضع ذكرها. انتهىٰ». مجمع البيان، 4 : 322...». بحار الأَنوار ، 15 : 117. (2) بحار الأَنوار ، 15 : 260ـ 261/ح11. الاحتجاج : 118 ـ 119. (3) في روضة الواعظين : (برسالتي). وفي الروضة : (ويشهد لِلّٰـه بالوحدانية وبرسالتي). (4) بحار الأَنوار ، 35 : 21ـ 22/ح5. الروضة : 17 ـ 18. روضة الواعظين : 72 ـ 74. (5) بحار الأَنوار ، 25 : 116/ح1. الخصال ، 2 : 106. عيون الأَخبار : 119 ـ 120. (6) بحار الأَنوار ، 73 : 53/ح5. مختار الخرائج : 216. (7) بحار الأَنوار ، 29 /ب : 11 : 52/ح4. (8)المصدر نفسه :108 . (9) بحار الأَنوار ، 99 : 212/ح1.