/ الفَائِدَةُ : ( 66 ) /

19/03/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / إِرَاءة الحقيقة والوصول إِليها علىٰ مراتب / إِنَّ ما ورد في بيان قوله تعالىٰ ـ الحاكي لأَحداث معركة بدر الكُبرىٰ ـ: [وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (1) برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ علىٰ نِكَاتٍ عجيبة ودقيقة في المعرفة والمعارف، ودرجات الاِطِّلاع علىٰ الحقيقة والواقعيَّة، فإِنَّ الإِراءة في المقام وقعت علىٰ بعض الجُنْد وإِمكانيَّاتهم، وكشفت عن جزء الحقيقة ومرتبة من مراتبها. ومنه يتَّضح: مدىٰ الفرق الشَّاسع بين ما يطرحه الوحي الشَّريف وما يطرحه الفلاسفة والماديِّين والغربيِّين من نِسْبَةٍ؛ فإِنَّهم ذهبوا: إِلى أَنَّ الإِنسان قد يصل إِلى الحقيقة بنِسْبَةٍ ما، وقد لا يصل أَصلاً، فالنِّسْبَة عندهم تدور بين الحقيقة والسَّرَاب، ومعناه: عدم اِسْتِقْرَار معرفة لدىٰ الإِنسان، بخلافها لدىٰ الوحي، فإِنَّ النِّسْبَة لديه هي: أَنَّ إِرَاءة الحقيقة والوصول إِليها علىٰ مراتب ودرجات. وليس في هذا نحو سفسطة أَو تشكيك، بل حذر وفطنة، فلا يحسب الواقف علىٰ حقيقةٍ أَنَّها تمام الحقيقة، بل بعضها، ومشمول ببیان قوله تقدَّس ذكره: [وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (2) ، وبيان قوله عزَّ ذكره: [وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}(3) . ومنه يتَّضح: أَنَّ جملة من المباحث الأَساسيَّة في أَبواب المعارف تتولَّد من هذا المبحث، منها: أَسرار البَدَاء؛ فإِنَّها تكمن في هذا المطلب؛ فإِنَّ يد الغيب الإِلٰهيَّة قد لا تُري للمخلوق جملة الحقيقة وسائر التفاصيل، فإِذا كشفت بعد ذلك عن مراتب أُخرىٰ لتلك الحقيقة والتَّفاصيل تداعىٰ إِلى وهمه: عدم تحقُّق ما أُخبر به سابقاً. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَنفال: 44 . (2) يوسف: 76. (3) طه: 114