/ الفَائِدَةُ : ( 68 ) /

20/03/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / فارق بين تعدُّد مراتب الحقيقة والتَّشكيك / إِنَّ تعدُّد مراتب الحقيقة كمنهج يختلف عن منهج التَّشكيك، فإِنَّ منهج التَّشكيك، يخلق دائماً تنافي واِصْطِكَاك وتناقض وتضارب وتقاطع بين مراتب الحقيقة الواحدة، بخلاف منهج تَعدُّد مراتب الحقيقة الفاردة؛ فإِنَّه يُثْبِت أَنَّ بين مراتب الحقيقة الواحدة: وحدة: نُظُم، وَنِظَام، وَمَنْظُوْمَة مُتَنَاسِقَة. وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي، منها: 1ـ بیان قوله تعالىٰ: [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا](1). ومعناه: أَنَّ للصدق مراتب ودرجات، بينها تمام الموائمة والملائمة والاِنسجام، أَعلاها صدق الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزَليَّة المُقَدَّسة. 2ـ بیان قوله تقدَّس ذکره: [وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ](2). ودلالته قد اِتَّضحت؛ وأَنَّ حقيقة النُّبوَّة ذات مراتب ودرجات مُتفاوتة بين الأَنبياء عليهم السلام ، أَعلاها ما جُعِلَت لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله (3)، بينها وحدة نُظُم ونِظَام وَمَنْظُوْمَة مُتَنَاسِقَة. وهكذا حقيقة الإِمامة الإِلٰهيَّة؛ فإِنَّها علىٰ مراتب ودرجات متفاوتة أَيضاً، بعضها أُعطيت للنَّبي إِبراهيم عليه السلام ، لكن أَعلاها ما مُتِّع به أَهل البيت عليهم السلام ، بينها وحدة نُظُم ونِظَام وَمَنْظُومَة مُتَنَاسِقَة أَيضاً. وعليه: قس مُطلق الخير وسائر الكمالات والفضائل؛ اِصطفائيَّة كانت أَم غيرها، فإِنَّ ميادينها ومساحاتها تتَّسع إِلى مراتب ودرجات غير متناهية. نظيرها: (النُّور)؛ فإِنَّه علىٰ مراتب ودرجات في الكم والكيف. وکذا قس مُطلق الشُّرور والرَّذائل؛ فإِنَّ ميادينها ومساحاتها تتَّسع إِلى دركات غير متناهيَّة. نظيرها: (الظلمة)؛ فإِنَّها علىٰ مراتب ودرجات في الكم والكيف أَيضاً(4). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء: 122. (2) الإِسراء: 55. (3 ) ينبغي الِالتفات في المقام إِلى الأُمور التَّالية: الأَمر الأَوَّل: / نُبُوَّة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله تختلف عن سائر النُّبُوَّات اِختلافاً جوهريّاً/ إِنَّ نُبُوَّة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله يجب أَنْ لَا تُعَرَّف بالتَّعريف العام للنُّبوَّة؛ فَإِنَّ النَّبوة العامَّة بالنِّسْبَة لنُبُوَّة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله جنس عالي، ونُبُوَّته صلى الله عليه واله نُبُوَّة أُخرىٰ، تختلف عن نُبُوَّات سائر الأَنبياء عليهم السلام اِختلافاً نوعيّاً وسنخيّاً وماهويّاً وجوهريّاً من دون قياس بينهما. الأَمر الثَّاني: / الِامتحانات الَّتي تعرَّض لها سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله لم يُمتحن بها مخلوق قَطُّ/ إِنَّ ما تمتَّع به سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله من سُؤددٍ ومقامات إِلٰهيَّة لم تُعط له إِلَّا بعد أَنْ تجاوز أَشَدُّ الِابتلاءات والِامتحانات وَأَقساها والَّتي لم يُمتحن بها مخلوق البَتَّة، وإِلَّا لم يَثْبُتْ ـ وإِنْ كان من سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام ـ علىٰ إِيمانه فضلاً عن سائر المقامات الإِلٰهيَّة كالنُّبوَّة. الأَمر الثَّالث: / سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله حاضر لدىٰ الأَوَّلين والآخرين حضور روحي / أَثْبَتَ الباري تقدَّس ذكره في عدَّة، آيات قرآنيَّة منها: بيان قوله تعالىٰ: [وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ] [النحل: 89]: أَنَّ لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله كينونة شهادة علىٰ الأَوَّلين والآخرين، والأَصل في الشَّهادة الحضور، لكن حضوره صلى الله عليه واله في المقام ليس حضوراً بدنيّاً، بل روحيّاً. الأمر الرَّابع: / كُتُب المُتكلِّمين لم تستوعب مقامات سیِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الإِلٰهيَّة/ إِنَّ لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله مقامات ومناقب إِلٰهيَّة كثيرة وعظيمة وخطيرة جِدّاً، أَشارت إِليها بيانات الوحي، وأَوَّل مقام ومنصب إِلٰهيّ حَبَاه الله به مقام: (البشير النذير)، ومقام: (الدَّاعي إِلى الله). فانظر: بيانات الوحي، منها: بیان قوله تعالىٰ: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا] [الأَحزاب: 45ـ46]. لكن: كُتُب المُتكلِّمين لم تستوعب جملة هذه الحقائق الوحيانيَّة. الأَمر الخامس: / سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله بطبقات حقيقته النُّوريَّة شاهد علىٰ جملة المخلوقات / إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي، منها: 1ـ بیان قوله عزَّ قوله: [وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ] [القصص: 44]. 2ـ بيان قوله جلَّ قوله: [ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ] [آل عمران: 44]. براهينٌ وحيانيَّةٌ ناظرةٌ إِلى بدن سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله في هذه النَّشْأَة الأَرضيَّة الغليظة والمولود في عام الفيل. وما ورد في بيانات الوحي الأُخرىٰ، منها: بيان قوله عزَّ من قائل ـ المتقدِّم ـ: [إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا] [الأَحزاب: 45]. براهينٌ وحيانيَّةٌ ناظرةٌ إِلى روح سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وطبقات حقيقته النُّوريَّة الصَّاعدة، فجعل الباري تقدَّس ذكره أَوَّلاً في طبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الصَّاعدة: الهيمنة والعلم الرُّوحي والنُّوري المُهَيْمِن علىٰ الأَزمان، ومن ثَمَّ أَرسله صلى الله عليه واله شاهداً علىٰ جملة المخلوقات، وفي كافَّة العوالم غير المتناهية من بداية الخلقة والوجود إِلى مالانهاية، ثُمَّ جعله مُبشِّراً ونذيراً لجميع المخلوقات وفي طُرِّ العوالم غير الُمتناهية، فأَرسله تعالىٰ برسالته قبل ولادته، بل من بداية عَالَم الإِمكان إِلى ما لا نهاية. فانظر: 1ـ بيانه صلى الله عليه واله صلى الله عليه واله: «كنتُ نبيّاً وآدم بين الماء والطين» أَو «بين الرُّوح والجسد». بحار الأَنوار، 18: 278. 2ـ بيان الإِمامين الباقر والصَّادق عليهما السلام: «إِنَّ اللّٰـه خلق الخلق وهي أَظلَّة، فأرسل رسوله مُحمَّداً صلى الله عليه واله فمنهم مَنْ آمن به، ومنهم مَنْ كذَّبه، ثُمَّ بعثه في الخلق الآخر فآمن به مَنْ كان آمن به في الأَظلَّة، وجحده مَنْ جحد به يومئذ، فقال: [مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ] [يونس: 74]». بحار الأَنوار، 5: 259/ح64. 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن المفضَّل بن عمر، قال: «... يا مفضَّل، أَمَا علمتَ أَنَّ اللّٰـه (تبارك وتعالىٰ) بعث رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله وهو روح إِلى الأَنبياء وهم أَرواح قبل خلق الخلق بأَلفي عام؟ قلتُ: بلىٰ، قال: أَمَا علمتَ أَنَّه دعاهم إِلى توحيد اللّٰـه وطاعته واتِّباع أَمره ووعدهم الجنَّة على ذلك وأَوعد مَنْ خالف ما أَجابوا إِليه وأَنكره النَّار؟ قلتُ: بلىٰ ...». بحار الأَنوار، 39: 194 ـ 195/ح5. علل الشرائع: 65. 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً: «ما بعث اللّٰـه نبيّاً أَكرم مِنْ مُحمَّدٍ صلى الله عليه واله ، وَلَا خلق اللّٰـه قبله أَحَداً، وَلَا أَنذر اللّٰـه خلقه بأَحدٍ من خلقه قبل مُحمَّد، فذلك قوله تعالىٰ: [هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى] [النجم: 56]، وقال: [إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ] [الرعد: 7] فلم يكن قبله مُطاع في الخلق، ولا يكون بعده إِلى أَنْ تقوم السَّاعة، في كُلِّ قرنٍ إِلى أَنْ يرث اللّٰـه الأَرض وَمَنْ عليها». بحار الأَنوار، 16: 371/ح82. ودلالة الجميع واضحة. الأَمر السَّادس: / ذوات سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت عليهم السلام بحور وحي زخَّارة لانهاية لها أَبَداً / إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله تعالىٰ: [قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ] [الكهف: 110]. 2ـ بيان قوله عزَّ قوله: [مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى] [النجم: 2ـ4]. براهينٌ وحيانيَّةٌ دالَّةٌ علىٰ أَنَّ ذات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله كتلة وحيانيَّة لا تنفد أَبداً في هذا العالم وفي سائر عوالم الخلقة غير المتناهية، في قيامه وقعوده، وحلِّه وترحاله؛ فإِنَّها عبَّرت عن ذاته صلى الله عليه واله بصيغة الفعل المضارع (يُوحَىٰ) المُفيدة للتجدُّد والِاستمرار التَّأْبيدي، والدَّالَّة علىٰ أَنَّ ذاته صلى الله عليه واله بحر وحي زخَّار لانهاية ولا اِنقطاع له أَبداً، من بداية الخلقة إِلى مالانهاية له. وهذا النحو من الوحي أَعظم وحي علىٰ الإِطلاق، وهو اِرتباط فاعل ومستمر بين الباري ـ المُسَمَّىٰ ـ عَزَّ وَجَلَّ وسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله. وعلىٰ هذا قس وحي إِمامة أَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم). الأَمر السَّابع: / مقام (الرؤوف الرَّحيم) أَحد مقامات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الإِلٰهيَّة / إِنَّ مقام (الرَّؤوف الرَّحيم) أَحد مقامات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الإِلٰهيَّة، الواردة في بيانات الوحي، منها: بیان قوله تعالىٰ: [لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ] [التوبة: 128]. فسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله بمراتبه الصَّاعدة مظهر لرأفة الباري عَزَّ وَجَلَّ ورحمته، وهو مضمون بيان قوله جلَّ قوله: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] [الأَنبياء: 107]. الأَمر الثَّامن: / شمول الِامتحانات الإِلٰهيَّة لُمطلق العوالم وكافَّة المخلوقات / / سيد الأَنبياء صلى الله عليه واله أَكثر مخلوق يتعرَّض لأَشدّ الِامتحانات الإِلٰهيَّة في كافَّة العوالم / إِنَّ المراد من عنوان (البلاء) الوارد في بيان الإِمام الباقر (صلوات اللّٰـه عليه): «أَشَدُّ النَّاس بلاءً هم الأَنبياء، ثُمَّ الأَوصياء، ثُمَّ الأَمثل فالأمثل» [الكافي، 2: 168/ح4] : الِامتحان، وهو لا يقتصر علىٰ هذه النَّشْأة الأَرضيَّة، بل يأتي في سائر العوالم والنَّشَآت، وَأَشَدُّ مَنْ يُمتحن فيها: الأَنبياء والأَوصياء والأَصفياء، وَأَشَدَّهم علىٰ الإِطلاق: سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ثُمَّ أَمير المؤمنين، ثُمَّ فاطمة الزهراء، ثُمَّ الإِمام الحسن، ثُمَّ الإِمام الحسين، ثُمَّ التسعة المعصومين (صلوات اللٰـه عليهم)، وَشِدَّة الِافْتِتَان بالمِحَن تدور مدار قوَّة عزيمة المُمْتَحَن. ومن إِطلاق بيانه عليه السلام يتَّضح: أَنَّ المرارة والمِحَن الَّتي يُلاقيها الأَنبياء والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام أَشَدُّ وَأَعظم من دون قياس من المرارة والِمحَن الَّتي يُلاقيها أَهل جهنَّم؛ لأَنّ العَنَاء الَّذي يواجهونه عليهم السلام عَنَاءٌ عقليٌّ، وهو أَشَدُّ وأَعظم من دون قياس من عَنَاء جهنَّم؛ لأَنَّ عَنَاءها بدنيٌّ أَو نفسيٌّ، لا سيما إِذا لم تكن لساكن جهنَّم کمالات عقليَّة، فيكون العذاب العقلي في حقِّه من باب السَّالبة بانتقاء موضوعها. نعم مِحَنهم والمرارة الَّتي يُلَاقُوْنَهَا مِحَن ومرارة ذِلّ وخزي وسوء عاقبة، بخلاف مِحَن ومرارة كُمَّل المخلوقات؛ فإِنَّها مِحَن ومرارة عِزّ ورفعة وسُؤْدُد؛ لكون عاقبتها السَّعادة الأَبديَّة، والقرب إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة. ومن ثَمَّ ورد في بيان الدُّعاء: «... اللَّهُمَّ إِنِّي أَسألُكَ خُشُوع الإِيمان قبل خشوع الذُّلّ في النَّار ...». بحار الأَنوار، 95: 95. ومن كُلّ ما تقدَّم تتَّضح: كثير من بيانات الوحي، منها: 1ـ أحد تفاسير بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله: «ما أُوذِيَ نبيّ مثل ما أُوذِيت». بحار الأَنوار، 39: 56. ودلالته قد اِتِّضحت؛ فإِنَّه دالٌّ على أَنَّ المرارة الَّتي عاناها ويعانيها سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله في عَالَم الدُّنيا للوصول إِلى أَعالي المراتب والدِّرجات أَعظم من المرارة والعَنَاء الَّذي يَتَذوَّقه جملة سكنة جهنَّم. 2ـ بيان جواب الإِمام الرِّضا (صلوات اللّٰـه عليه) عن سؤال السَّائل ـ النَّاظر إِلى بيان قوله تعالىٰ: [وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا] [مريم: 71] ـ : «هل أَنتم واردوها: قال (صلوات اللٰـه عليه): جزناها وهي خامدة». علم اليقين، للفيض الكاشاني، 2: 971. ودلالته قد اِتَّضحت أَيضاً؛ فإِنَّه دالٌّ علٰى أَنَّ جهنَّم الآخرة الأَبديَّة بمالها من سَعِيْر ـ وهو عبارة عن تجلِّي الشَّهوات، فإِنَّ الأَعمال المرتبطة بالشَّهوات تتجسَّم وتتجلَّىٰ في عَالَم الآخرة الأَبديَّة بصورة النيران ـ تجاوزها أَهل البيت عليهم السلام من خلال مكابدة الشَّهوات، وتجرَّعوا مرارة جهنَّم من خلال هِجْرَان الشَّهوات. (4) أُكتشف في البحوث الفيزيائيَّة الحديثة: أَنَّ للظلمة مراتب ودرجات من النُّور، وقد أَشار إِلى ذلك بيان دعاء الإِمام زين العابدين عليه السلام: «... سبحانَكَ تعلم وزن الظلمة ...». بحار الأَنوار، 83: 227. فالظلمة لها وزن؛ لأَنَّ فيها نور