/ الفَائِدَةُ : (118) /

30/04/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / أُسْلُوبُ التَّعريض يحجبُ المغرضين عن طمس الحقائق / إِنَّ في ممارسة أُسلوب التَّعريض إِبقاء لدلائل الحقّ ـ كـ : (فضائل أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ـ مِنْ أَنْ يتفطَّن ويلتفت إِليها الأَعداء والمغرضون والحاسدون ؛ كيما يطمسونها أَو يحذفونها أَو يُحرِّفونها . بخلاف أُسلوب التَّصريح ، فإِنَّ فيه آفات ، أَحدها : تَمكُّن الأَعداء والمغرضين والحاسدين من الِالتفات إِلى تلك الحقائق والفضائل والمقامات وتحريفها وطمسها . وَمِنْ ثَمَّ كان أُسلوب التَّعريض هو الأُسلوب النَّاجع لنشر فضائل أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ومقاماتهم وكراماتهم ، فلذا كان الأَعداء والمغرضون والحاسدون يتناقلونها في كُتُبهم ؛ ويتداولونها بأَيديهم وأَلْسِنَتهم ولا يلتفتون إِليها . وَمِنْ ثَمَّ كان لبيانات الوحي تنزيل وظهور، وللظهر ظهر وظهور، وتأويل وبطن ، وللبطن بطن وبطون . فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : «سأَلتُ أَبا جعفر عليه السلام عن شيءٍ من التَّفسير، فأَجابني ، ثُمَّ سألته ثانية فأَجابني بجواب آخر ، فقلتُ : جعلتُ فداكَ ، كُنْتَ أَجبتني في هذه المسألة بجوابٍ غير هذا قبل اليوم ، فقال : يا جابر ، إِنَّ للقرآن بطناً وللبطن بطن ، وله ظهر وللظهر ظهر ، ياجابر ، ليس شيءٌ أَبْعَد مِنْ عقول الرِّجَال مِنْ تفسير القرآن ، إِنَّ الآية يكون أَوَّلها في شيءٍ وآخرها في شيءٍ آخر ، وهو كلامٌ متَّصلٌ متصرِّفٌ علىٰ وجوهٍ»(1). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن الفضيل بن يسار ، قال : «سألتُ أَبا جعفر عليه السلام عن هذه الرُّواية : «مَا مِنْ القرآن آية إِلَّا ولها ظهر وبطن» فقال : ظهره تنزيله ، وبطنه تأويله ، منه ما قد مضىٰ ، ومنه ما لم يكن ، يجري كما يجري الشَّمس والقمر ، كُلَّما جاء تأويل شيءٍ منه يكون علىٰ الأَموات كما يكون علىٰ الأَحياء ، قال الله : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ](2) ونحن نعلمه»(3). 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن جابر ، قال : «یا جابر ، إِنَّ للقرآن بطناً وللبطن ظهراً ... وليس شيء أَبعد من عقول الرِّجَال مِنْه ، إِنَّ الآية لتنزل أَوَّلها في شيءٍ ، وأَوسطها في شيءٍ ، وآخرها في شيءٍ ، وهو كلامٌ متَّصل متصرّف علىٰ وجوهٍ»(4). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «إِنَّ أَمرنا هو الحقُّ ، وحقُّ الحقّ ، وهو الظَّاهر ، وباطن الظَّاهر ، وباطن الباطن ، وهو السِّرُّ، وسرُّ السِّرُّ ، وسرُّ المستسر(5) ، وسرٌّ مُقنَّع بالسِّرِّ»(6). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «إِنَّ أَمرنا سرٌّ مستتر ، وسرٌّ لا يفيده إِلَّا السِّرّ ، وسرٌّ علىٰ سرٍّ ، وسرٌّ مُقَنَّعٌ بسرٍّ»(7). ودلالة الجميع واضحة . وهذه لیست تعمیة ، بل فسحٌ لآفاق طبقات المعاني والحقائق غير المتناهية وغير المحدودة بشواهد وموازين عِلْمِيَّة . ومنه يتَّضح : أَنَّه من الخطأ الفادح وقوف وجمود الباحث والمُسْتَنْبِط من بيانات الوحي الواردة في بَعْثَة سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ علىٰ حرفيَّة النَّصِّ وكلماته. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 89: 91/ح37. المحاسن: 300. (2) آل عمران: 7. (3) بحار الأَنوار، 89: 98/ح64. بصائر الدرجات: 196. (4) بحار الأَنوار، 89: 94/ح45. تفسير العياشي، 1: 11. (5) وفي نسخة: (وسر المستتر). (6) بحار الأَنوار، 2: 71/ح33. (7) المصدر نفسه/ح31