/ الفَائِدَةُ : ( 117) /
11/06/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / تعدد قوالب الفاظ المعنى الواحد / إِنَّ للمعنىٰ الواحد قوالبَ أَلفاظٍ، لها قابليَّة الإِشارة إِلى معانٍ أُخرىٰ فوق ووراء المعنىٰ الظَّاهر، ولها أَيضاً قابليَّة الإِشارة إِلى التَّرابط بين الطَّبقة الأُوْلىٰ للمعنىٰ وسائر الطَّبقات. وخذ على ذلك المثال التَّالي: بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصدِيق بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإِخْلَاصُ لَهُ، وَكَمَالُ الإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيْرُ الْـمَوْصَوْفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ، فَمَنْ وَصَفَ اللَّـهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَه فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ، وَمَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ ...»(1)فإِنَّهُ برهانٌ وحيانيٌّ كاشف عن معادلات ومحاور وطبقات خمس، أَشارت إِليها بيانات الوحي الأُخرى بقوالب وألفاظ مُتعدِّدَة، منها: 1ـ بيان الإِمام الرِّضا عليه السلام : «... أَوَّل عبادة الله معرفته، وأَصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفي الصِّفَات عنهُ لشهادة العقول أَنَّ كُلَّ صفةٍ وموصوفٍ مخلوق، وشهادة كلّ مخلوقٍ أَنَّ لَهُ خالقاً ليس بصفةٍ ولا موصوفٍ، وشهادة كلِّ صفةٍ وموصوفٍ بالِاقتران، وشهادة الاِقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالاِمتناع من الأَزل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إِيّاه وحَّد من اكتنهه، ولا حقيقته أَصَاب من مثَّله، ولا بِهِ صَدَّق مَنْ نَهَّاه، ولا صَمَدَ صَمَدَه مَنْ أَشَار إِليه، ولا إِيَّاه عني من شَبَّهه، ولا لَهُ تذلّل من بعَّضَه، ولا إِيّاه أَراد من تَوهَّمَه، كلّ معروفٍ بنفسه مصنوع، وكلّ قائم في سواه معلول ...»(2). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً: «... وبالعقول يعتقد التَّصْديق باللَّـهِ، وبالإِقرار يكمل الإِيمان بِهِ، ولا ديانة إِلَّا بعد المعرفة، ولا معرفة إِلَّا بالإِخلاص، ولا إِخلاص مع التشبيه، ولا نفي مع إِثبات الصِّفَات للتشبيه، فكلّ ما في الْـخَلق لا يوجد في خالقه، وكلّ ما يمكن فيه يمتنع من صانعه...»(3). ثُمَّ إِنَّ الباحث في أَبواب المعارف قد لا يلتفت لتلك الوحدة الرَّابطة بين معاني طوائف أَلفاظ البيانات المُتعدِّدة؛ إِذ ليس من المُتيسِّر لكلِّ باحثٍ القدرة على ربط طبقات المعاني بعضها بالآخر، مع أَنَّ الرَّبط بين المعاني وطبقاتها ضرورة مُلِحَّة في أَبواب المعارف أَكثر من غيرها. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة: 41/خ1. (2) التوحيد: 36/ح2. (3) التوحيد: 46