الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (1 ـ 200 ) | معارف الهية(77) تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية

معارف الهية(77) تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية

31/03/2024


الدرس (77 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ومر الكلام في الدرس ( 54) انه لابد من التعرض لبيانات الوحي ليتجلى ذلك التعريف ، واذا رجعنا الى تلك البيانات لوجدناها على طوائف ، تذكر كل طائفة منها بعض خصائص ذلك التعريف وفصوله واجناسه ، وسنذكر ( ان شاء الله تعالى ) ( 13 ) طائفة ، مر الكلام عن الطائفة الاولى في الدرس ( 54 ) ، وعن الطائفة الثانية والثالثة في الدرس ( 55 ) ، وعن الطائفة الرابعة في الدرس ( 56 و 57 ) ، وعن الطائفة الخامسة في الدرس ( 58 ) ، وعن الطائفة السادسة في الدرس (59 الى 72 ) ، وعن الطائفة السابعة والثامنة في الدرس(73) ، وعن الطائفة التاسعة في الدرس(74) ، وعن الطائفة العاشرة في الدرس(75 ـ 76) ، ووصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) الى الطائفة الحادية عشرة : / شمول الإِمامة الإِلهيَّة لجملة أَحوال وشؤون العوالم والمخلوقات / الطائفة الحادية عشرة : ما دلَّ على أَنَّ حقيقة وبنود ومحاور وأَعمدة الإِمامة الإلٰهيَّة لا تقتصر على عَالَم الدُّنيا الأُولىٰ ـ كما حصرتها الكُتُب الكلاميَّة وغيرها ـ بل تشمل طرّ العوالم والمخلوقات غيرالمتناهية ؛ من بداية الخلقة والوجود إِلى ما لا نهاية له ، منها : عَالَم البرزخ ـ وهو حاشية لعَالَم الدُّنيا ـ وعَالَم آخرة الدُّنيا (الرجعة)(1)، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ـ الجنَّة والنَّار الأَبديِّتان ـ وغيرها. وتشمل أَيضاً جميع أَحوالها وشؤونها. ومفروضة على جميع مخلوقات هذه العوالم ، فلا تشمل الإِنس والجن فحسب ، بل والملائكة وسائر المخلوقات من بداية الخلقة إِلى ما لا نهاية ، فأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم هم الَّذين يُؤمُّون ويقودون كُلَّ المخلوقات غيرالمتناهية ، وفي جملة العوالم ؛ في سلسلة عوالم قوس النزول ، وسلسلة عوالم قوس الصعود (2). ولك أَنْ تَقول : إِنَّ الملائكة بعدما كانوا على طبقات من حيث العصمة؛ احتاجوا إِلى سيِّد وناظم أَرفع درجة ، وأَعلىٰ مقاماً ، وأَعظم شأناً يُدير وينظِّم شؤون وأَحوال وما يحصل من إِصطكاك واختلاف بين تلك الطبقات ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الإِلتفات : أَنَّ كافَّة الأَئمَّة الأثني عشر صلوات اللَّـه عليهم ـ منهم : الإِمام الحُجَّة بن الحسن عجل اللَّـه تعالى فرجه ـ يرجعون في عَالَم الرجعة كرَّات ومرَّات ، لكنَّ أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه أَكثرهم رجوعاً ، ويرجع جميعهم صلوات اللَّـه عليهم إِلى الأَرض في عَالَم الرَّجعة في الدولة النهائيَّة والأَخيرة ، وهي دولة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وقبلها تكون دولة أَمير المؤمنين عليه السلام ، وهي آخر دولة له عليه السلام ، ربَّى وطوَّع البشريَّة لها كرَّات ومرَّات ؛ كيما تستأهل البشريَّة لأَعظم دولة يُقيمها صلوات اللَّـه عليه. والثابت في بيانات الوحي المستفيضة : أَنَّ البشريَّة لا تتأهل في دولة الإِمام المهدي عجل اللَّـه تعالى فرجه لوجود سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ومن ثَمَّ يأتي بعد الإِمام الحُجَّة سيِّد الشهداء عليهما السلام ليقيم دولته ، فدولة الإِمام المهدي عجل اللَّـه تعالى فرجه مُمهِّدَة لدولة سيِّد الشهداء عليه السلام ولكمال عظيم ، ثُمَّ يأتي دور أَمير المؤمنين عليه السلام ليُقيم دولته الأُولىٰ في الرجعة ، فدولة سيِّد الشهداء مُمَهِّدَة لدولة أَمير المؤمنين عليهما السلام الأُولىٰ ، ومع كُلّ هذا لم تستأَهل البشريَّة بعدُ ؛ فاحتاج أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه إِلى الرجوع كرَّات ومرَّات أَكثر من سائر أَهل البيت عليهم السلام على الإِطلاق ، وهذه عقيدة من ضروريَّات عقيدة الرجعة. إِذَنْ : البشريَّة لا تستأهل ـ أَي : ليست مؤهلة لـ ـ وجود سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، بل ولا لوجود سيِّدة النساء صلوات اللَّـه عليها في عَالَم الرجعة إِلَّا في نهاياتها ، فلها صلوات اللَّـه عليها رجعة مع أَبيها صلى الله عليه واله في دولته الخاتمة والعظمىٰ. وهذا ما يوضح سر وفلسفة سرعة لحاقها بأبيها صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما بعد استشهاده ورحيله إِلى الرفيق الأَعلىٰ ، فلم تبقَ تحت ظل إِمامة أَمير المؤمنين عليه السلام طويلاً ، فضلاً عن بقائها تحت ظل إِمامة الحسنين صلوات اللَّـه عليهم ، وصارت تحت ظل وهيمنة اللَّـه تقدَّس ذكره وأَبيها صلى الله عليه واله ، فأَيُّ فيضٍ نبويّ هذا. وهذا ما يشير إِليه بيان رثاء أَمير المؤمنين عليه السلام بعدما دفنها ونفض تراب قبرها من يده ، وهاج به الحزن والأَلم ، فدار طرف وجهه إِلى قبر سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وقال: «السَّلام عليكَ يا رسول اللَّـه عنِّي ، والسَّلام عليكَ عن ابنتك ، وزائرتكَ ، والبائتة في الثرىٰ ببقعتك ، والمختار اللَّـه لها سرعة اللحاق بكَ ، ... لقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة ... سرعان ما فُرِّق بيننا وإِلى اللَّـه أَشكو ... فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إِلى بثِّه سبيلاً...». بحار الأَنوار ، 43 : 193/ح21. وفي هذا البيان الوحيانيُّ محطَّات عظيمة وعجيبة ، وأَسرار لطيفة وبديعة دالَّة على مدىٰ عظمة شخصيَّة ومقامات فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها ، منها : 1ـ إِنَّ البشريَّة لا زالت بعدُ لم تستأهل طول بقائها ، كحال أَبيها صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما ، بل البشريَّة إِلى الآن لم تستأهل الإِمام الحُجَّة بن الحسن عجل اللَّـه تعالى فرجه ، بل ولم تستأهل بقائهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما في دولة ظهوره عجل اللَّـه تعالى فرجه ، ومن ثَمَّ يأتي دور سيِّد الشهداء عليه السلام ودولته في عَالَم الرجعة، فيكون دور الإِمام الحُجَّة بن الحسن عجل اللَّـه تعالى فرجه ودولته مُمهِّد لكمال أَعظم ، وهو : دور سيِّد الشهداء عليه السلام ودولته ، ودور سيِّد الشهداء ودولته مُمَهِّد لكمال أَعظم ، وهو : دور أَمير المؤمنين عليهما السلام ودولته ، ثُمَّ إِنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام لا تستأهل البشريَّة برجعةٍ وكرَّةٍ ، بل برجعات وكرَّات ، وهو أَكثر إِمام على الإِطلاق يعود إِلى النشأة الأَرضيَّة في عَالَم الرَّجعة (آخرة الدُّنيا) ويقيم عليه السلام فيها دولاً عديدة ؛ غايتها تطويع البشريَّة وتأهيلها وتربيتها مرَّات وكرَّات ؛ كيما تستأهل أَعظم دولة ـ بالقياس إلى سائر دول الأَئمَّة الإِثني عشر عليهم السلام في عَالَم الرجعة ـ يقيمها أَمير المؤمنين عليه السلام ، وهي آخر دولة له صلوات اللَّـه عليه ، المُمتدّ عمرها (44 أًلف سنة) ، قبل دولة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الأَعظم على الإِطلاق. بعد الإِلتفات : أَنَّ الثابت في الدراسات البشريَّة المختلفة ـ الغربيَّة والشَّرقيّة والأَديانيَّة ـ : أَنَّ عمر البشريَّة من بداية نزول النَّبيّ آدم عليه السلام إلى عصرنا هذا لم يمضِ عليها أَكثر من عشرة آلاف سنة. ثُمَّ إِنَّه تظهر في عَالَم الرجعة مقامات عظيمة لأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت عليهم السلام ، نعم في عَالَم القيامة تظهر مقامات أَعظم لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وهذا يعني : أَنَّ كمالات ومقامات أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه مُمَهِّدَة لظهور كمالات ومقامات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله . 2ـ إِنَّ فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها يجب أَنْ تبقىٰ تحت هيمنة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، لا تحت هيمنة أَحدٍ من سائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم كأَمير المؤمنين عليه السلام ؛ لأَنَّها كفؤ له فكيف تكون تحت هيمنته ، ومن ثَمَّ لهول عظمتها وخطرها ضجَّت المدينة المنوَّرة يوم استشهادها ؛ كيوم استشهاد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ؛ لأَنَّ هذا النور النَّبويّ العظيم خفت في الكون في ذلك اليوم من ظاهر عَالَم النشأة الأَرضيَّة. وهذا ما يشير إِليه بيان أَمير المؤمنين عليه السلام بقوله : «فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إِلى بثِّه سبيلاً» ؛ فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّه لم يكن هناك كهف للزهراء عليها السلام غير أَبيها صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما. وهذه ليس قضيَّة عاطفة ، وإِنَّما بيان لمقام إِلٰهيّ. (2) ينبغي الإِلتفات : أَنَّه ورد في بيان الزيارة الجامعة لأَئمَّة المؤمنين عليهم السلام : أَنَّ سبب رقي أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم فوق جملة المخلوقات ، منهم : سائر المخلوقات المكرَّمة ، وفوق كُلّ مُقرَّبٍ ومصطفي : أَنَّ اللَّـه عزَّوجلَّ روّض قلوبهم بدرجة عظيمة من الخوف والرجاء لا توجد في قلب مخلوقٍ قَطُّ.