معارف الهية(80) تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية
03/04/2024
الدرس (80) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ومر الكلام في الدرس ( 54) انه لابد من التعرض لبيانات الوحي ليتجلى ذلك التعريف ، واذا رجعنا الى تلك البيانات لوجدناها على طوائف ، تذكر كل طائفة منها بعض خصائص ذلك التعريف وفصوله واجناسه ، وسنذكر ( ان شاء الله تعالى ) ( 13 ) طائفة ، مر الكلام عن الطائفة الاولى في الدرس ( 54 ) ، وعن الطائفة الثانية والثالثة في الدرس ( 55 ) ، وعن الطائفة الرابعة في الدرس ( 56 و 57 ) ، وعن الطائفة الخامسة في الدرس ( 58 ) ، وعن الطائفة السادسة في الدرس (59 الى 72 ) ، وعن الطائفة السابعة والثامنة في الدرس(73) ، وعن الطائفة التاسعة في الدرس(74) ، وعن الطائفة العاشرة في الدرس(75 ـ 76) ، ووصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) الى الطائفة الحادية عشرة ، وكانت تحت عنوان : ( شمول الإِمامة الإِلهيَّة لجملة أَحوال وشؤون العوالم والمخلوقات ) ، ولازال الكلام في ادلة وبيانات هذه الطائفة ، ووصلنا الى الدليل والبيان السادس : 6ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «مَا مِنْ شيء ولا من آدمي ولا إِنسي ولا جنِّي ولا ملك في السماوات إِلَّا و نحن الحجج عليهم ، وما خلق اللَّـه خلقاً إِلَّا وقد عرض ولايتنا عليه ، واحتجَّ بنا عليه ؛ فمؤمن بنا وكافر وجاحد، حتَّىٰ السَّماوات والأَرض والجبال ، الآية»(1). 7ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «إِنَّ للّٰـه عزَّوجلَّ اثنىٰ عشر أَلف عَالَمٍ ، كُلُّ عَالَمٍ منهم أكبر من سبع سماوات وسبع أَرضين ، ما يرى عَالَم منهم أَنَّ للَّـه عَزَّوجلَّ عالَماً غيرهم ، وإِنِّي الحُجَّة عليهم»(2). ودلالته ـ كدلالة سوابقه ـ واضحة. والظَّاهر : أَنَّ ما أَخذ فيه الإِمام عليه السلام من عدد ليس من باب الحصر والتحديد ، وإِنَّما للدلالة على كثرة العوالم كحال بيان قوله تقدَّس ذكره : [اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ](3). فإنَّ المقصود : إِنَّ اللّٰـه (عزَّوجلَّ) لن يغفر لهم مهما استغفر لهم رسول اللَّـه صلى الله عليه واله ، وأَنَّ طبيعة المغفرة لا تنالهم البتَّة ، سواء استغفر صلى الله عليه واله لهم قليلاً أَو كثيراً ، فَذِكْر (السبعين) جيء به كناية عن الكثرة ؛ من غير أَن تكون هناك خصوصيَّة للعدد ، فكذا المقام. والوجه : إِنَّ ذات الباري سبحانه وتعالىٰ بعدما كانت غير متناهية فكذا أَفعاله ؛ وإِلَّا ـ أَي : لو كانت أَفعاله عزَّوجلَّ محدودة ومتناهية ـ لزم (والعياذ باللّٰـه تعالىٰ) محدوديَّة ذاته وتناهيه ، وهو كما ترىٰ. وإِلى هذا أَشارت بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله تقدَّست أسماؤه : [مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ](4). ثانياً : بيان قوله تقدَّس ذكره : [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ](5). ثالثاً : بيان قوله جلَّ قدسه : [وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا](6). ودلالة الجميع واضحة على أَنَّ خلقة اللّٰـه ومخلوقاته غيرمتناهية. وأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم بعدما كانوا رأس هرم المخلوقات غيرالمتناهية أُوكلت إِليهم جملة أُمورها وشؤونها في طرِّ العوالم غيرالمتناهية أَيضاً. 8ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «الحُجَّة قبل الخلق ، ومع الخلق وبعده» (7). 9ـ بيان أَبي الحسن عليه السلام ، عن سماعة ، قال : «قال لي أبو الحَسَن عليه السلام : إِذا كان لكَ يا سماعة عند اللَّـه حاجة فقل : «اللَّهُمَّ إِنِّي أسألك بحقِّ مُحمَّدٍ وعَلِيٍّ ...» فإِنَّه إِذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرَّب ولا نبيٍّ مرسل ولا مؤمن امتحن اللّٰـه قلبه للإيمان إِلَّا وهو محتاج إليهما في ذلك اليوم»(8). ودلالة الجميع واضحة على أَنَّ إِمامة أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام مُمتدَّة لغير عَالَم الدُّنيا الأُولىٰ ولغير الثقلين ـ الجنّ والإِنس ـ وبضمّ دلالة بعضها للآخر يثبت أَنَّها شاملة لكافَّة العوالم والمخلوقات ، وعامَّة لجميع أَحوالها وشؤونها(9). وهذا ما عنته بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 27 : 46/ح7. السرائر : 473. (2) بحار الأَنوار : 41/ح1. الخصال ، 2 : 171 ـ 172. (3) التوبة : 80. (4) النحل : 96. (5) لقمان : 27. (6) إبراهيم : 34. (7) بحار الأَنوار ، 23 : 38/ح66. إِكمال الدين : 128 و135. بصائر الدرجات : 143. (8) بحار الأَنوار ، 27 : 317/ح15. المحتضر : 156 ـ 157. (9) مرجع الضمير في : (أَحوالها وشؤونها) : كافَّة العوالم والمخلوقات.