الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (1 ـ 200 ) | معارف إِلٰهيَّة : (108) ، خاتمة تعريف حقيقة الإِمام وإِمامة أَهل البيت عليهم السلام الإِلٰهيَّة ، وفيها قضايا ، القضيَّة العاشرة

معارف إِلٰهيَّة : (108) ، خاتمة تعريف حقيقة الإِمام وإِمامة أَهل البيت عليهم السلام الإِلٰهيَّة ، وفيها قضايا ، القضيَّة العاشرة

02/05/2024


الدرس (108) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنَّ تم ( بحمد الله تعالى) في الدرس (86) تعريف حقيقة الإِمام و إِمامة أَهل البيت عليهم السلام الإِلٰهيَّة ، وصل بنا الكلام الى الخاتمة ، سنذكر فيها (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) قضيَّة ، بعضها توضيح أَكثر لِـمَا تقدَّم بيانه ، ووصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) الى القضيَّة العاشرة ، فنقول : / القضيَّة العاشرة : / / تفسير أَسماء أَهل البيت عليهم السلام وصفاتهم وأَفعالهم بلغة حضاريَّة/ إِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : / شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة/ الأَوَّل : (شجاعة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليه) ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، فشجاعتهم صلوات اللّٰـه عليهم ليست كشجاعة عنترة بن شداد ـ مثلاً ـ تحتاج إِلى عضلات وجرأة نفسيَّة وروحيَّة فحسب ـ كما كُنَّا ولا زلنا نلهج بهذا التَّفسير المُنحط والخاطئ ، وأشعارنا وأَدبيَّاتنا وخطاباتنا وكتاباتنا ومنابرنا قائمة على ذلك ، والمُضرّ بهم صلوات اللّٰـه عليهم أَشدُّ من دون قياس من إِضرار يزيد بن معاوية وجيشه (عليهم لعائن اللّٰـه) بأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ لأَنَّ تلك قتلت الأَبدان وحرمت أَهلها حياة فانية ، بينما هذه قتلت وتقتل أَرواح ومعارف وعلوم أَهل البيت عليهم السلام وتحرم المسلمين ، بل البشريَّة ، بل المخلوقات حياة أَبديَّة ، ومن ثَمَّ تحتاج نفوسنا وأَرواحنا وعقولنا وقلوبنا وطبقات حقائقنا ووجوداتنا إِلى التطهير من نجاسة ورجاسة هذه التفسيرات ـ وإِنَّما قُطْب أَقطاب شجاعتهم صلوات اللّٰـه عليهم : قيادة إِلٰهيَّة. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنقول التأريخيَّة(1)، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... أَنَا أَخو رسول اللّٰـه وابن عمِّه ، وسيف نقمته ، وعماد نصرته ، وبأسه وشدَّته ، أَنَا رحىٰ جهنَّم الدائرة ، وأَضراسها الطَّاحنة ، أَنا مؤتم البنين والبنات ، وقابض الأَرواح، وبأس اللّٰـه الَّذي لا يردّه عن القوم المجرمين ، أَنا مجدل الأَبطال وقاتل الفرسان ، ومبير من كفر بالرحمٰن ...»(2).(3) 2ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... واللّٰـه لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولَّيت ، ولو أَمكنتني الفرصة من رقابها لما بقَّيت ...»(4). 3ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً ، في إِجابته لليهوديّ الَّذي سأل عن علامات الأَوصياء ، قال : «... وأَمَّا السَّادسة يا أَخا اليهود فإِنّا وردنا مع رسول اللّٰـه ’ مدينة أَصحابك خيبر على رجالٍ من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها ، فتلقَّونا بأَمثال الجبال من الخيل والرِّجَال والسلاح ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الإِلتفات : أَنَّ التأريخ علم جَمّ ، ومواد خطيرة دائماً ، فإِنَّه ليس سلسلة أَحداث فحسب ، وإِنَّما عبارة عن حقول مُتعدِّدة ، وحضارة مُتجسِّدة ومُتجسِّمة في كلِّ أَبعادها ، ومن ثَمَّ لا بُدَّ أَنْ يقرأه ويدرسه المُتخصِّصون بعلوم عديدة ، منها : علم : (أَمنيّ) و(عسكريّ) و(نفسيّ) و(سياسيّ) و(اقتصاديّ) و(تجاري) و(صناعي) و(زراعي) و(حضاري) و(قانوني) و(حقوقي) و(أَخلاقي). (2) بحار الأَنوار ، 33 : 283/ح547. (3) يجدر الإِلتفات : أَوَّلاً : أَنَّ جميع أَسباب : القوَّة والقدرة والقيادة والإِدارة والحُكم وما شاكلها بيد أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكنَّهم يستعملونها بطريقة سلميَّة ، مدنيَّة ، حضاريَّة. فراجع بياناتهم صلوات اللّٰـه عليهم وسِيَرهم وأَحوالهم وشؤونهم تجد صدق ما نقول واضحاً وجليّاً. ثانياً : أَنَّ أَحد أَسباب قوَّة وقدرة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم : أَنَّهم ينصفون عدوّهم قبل أَنْ ينصفوا وليَّهم ، فذاك أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه يأمر ذويه بإِنصاف قاتله ابن ملجم (لعنة اللّٰـه عليه) حتَّىٰ في صغائر ومحقَّرات الأُمور ، مع أَنَّه اعتدىٰ عليه بالغدر والغيلة والفتك والدجل ، وبدناءة غيرأَخلاقيَّة في المواجهة والمجابهة ، بل ولا أَخلاقيَّة في العدوان ، ومع كُلّ هذا وغيره لم يكن لِعَلِيّ الطهر صلوات اللّٰـه عليه إِلَّا الإِنصاف معه ، فأَي نفس هذه. (4) بحار الأَنوار ، 21 : 26/ح25. أَمالي الصدوق : 307