معارف إِلٰهيَّة : (155) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
19/06/2024
الدرس (155) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، لازال البحث في الطائفة الاولى ، وكانت تحت عنوان : « طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة انعكاسات لصفات الذَّات المُقدَّسة » ، وعنوان : « صفات أهل البيت عليهم السلام وشؤونهم تجلِّيات لصفات وشؤون الذَّات الإِلهيَّة » ، وصل بنا الكلام الى العنوان التالي : / خلط الملائكة بين الذات المُقدَّسة وحقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة / ومن كُلِّ ما تقدَّم تتَّضح : نكتة حصول الخلط والإِشتباه لدىٰ جملة الملائكة عليهم السلام ـ منهم المُقرَّبين ؛ كـ : إِسرافيل وجبرئيل عليهما السلام ، مع أَنَّ الجميع معصومون ـ وعدم تمكُّنهم من التمييز بين صفات وأَسمآء وكمالات وشؤون: (الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة) و صفات وأَسمآء وكمالات وشؤون : (طبقات حقائق سيِّد الأَنبياء وسائرأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة) ؛ والنكتة هي ما تقدَّم : من أَنَّ جملة صفات وأَسمآء وكمالات وشؤون الذَّات الإِلٰهيَّة المُقدَّسة ـ إِلَّا الأُلوهيَّة ـ قد انعكست وتجلَّت وظهرت في تلك الطبقات المهولة العظيمة الخطيرة الشَّريفة إِفاضة من الذَّات المُقدَّسة. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... أَوَّل ما خلق اللَّـه عزَّوجلَّ : خلق أَرواحنا ... ثُمَّ خلق الملائكة فلمَّا شاهدوا أَرواحنا نوراً واحداً استعظموا أَمرنا فسبَّحنا ؛ لتعلم الملائكة : أَنَّا خلق مخلوقون ، وأَنَّه مُنزَّه عن صفاتنا ، فسبَّحت الملائكة بتسبيحنا ونزَّهته عن صفاتنا ، فلَمَّا شاهدوا عظم شأننا هلَّلنا؛ لتعلم الملائكة : (أَنْ لا إِلٰه إِلَّا اللَّـه) وأَنَّا عبيد ، ولسنا بآلهة يجب أَن نُعبد معه ، أَو دونه، فقالوا : (لا إِلٰه إِلَّا اللَّـه) ، فلَمَّا شاهدوا كبر محلّنا كبَّرنا ؛ لتعلم الملائكة : أَنَّ اللَّـه أَكبر من أَنْ ينال عظم المحل إِلَّا به ، فلَمَّا شاهدوا ما جعله لنا من العزَّة والقوَّة قلنا : (لا حول ولا قوَّة إِلَّا باللَّـه) ؛ لتعلم الملائكة : أَن لاحول لنا ولا قوَّة إِلَّا باللَّـه ، فلَمَّا شاهدوا ما أَنعم اللَّـه به علينا وأَوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : (الحمد للَّـه) ؛ لتعلم الملائكة : ما يحقُّ للَّـه تعالىٰ ذكره علينا من الحمد على نعمته فقالت الملائكة : (الحمد للَّـه) ، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد اللَّـه وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده ...»(1). 2ـ بيان حديث المعراج ، عن الإِمام الصادق عليه السلام : «... إِنَّ اللَّـه (العزيز الجبَّار) عرج بنَبيِّه إِلى سبعاً ... ثُمَّ عرج به إِلى السمآء الدُّنيا فنفرت الملائكة إِلى أَطراف السمآء ثُمَّ خرَّت سُجَّداً فقالت : (سبُّوح قدوس ربّنا وربّ الملائكة والروح) ، ما أَشبه هذا النُّور بنور ربّنا. فقال جبرئيل عليه السلام: (اللَّـه أكبر ، اللَّـه أكبر). فسكتت الملائكة ، وفتحت أَبواب السَّمآء ، واجتمعت الملائكة ثُمَّ جاءت فسلَّمت على النَّبيّ صلى الله عليه واله أَفواجاَ ... ثُمَّ عرج به إِلى السمآء الثانية ، فلَمَّا قرب من باب السمآء تنافرت الملائكة إِلى أَطراف السَّمآء وخرَّت سجَّداً وقالت: (سبُّوح قدوس ربّ الملائكة والرُّوح ، ما أَشبه هذا النور بنور ربّنا). فقال جبرئيل عليه السلام : (أَشهد أَنْ لا إِلٰه إِلَّا اللَّـه ...) فاجتمعت الملائكة وفتحت أَبواب السمآء ، وقالت : يا جبرئيل ، مَنْ هذا معكَ ؟ فقال : هذا محمَّدٌ صلى الله عليه واله ... قال : رسول صلى الله عليه واله : ... ثُمَّ عُرج بي إِلى السَّمآء الثالثة فنفرت الملائكة إِلى أَطراف السَّمآء ، وخرَّت سجَّداً ... ثُمَّ عُرج بي إِلى السَّمآء الرابعة...»(2). 3ـ بيان حديث المعراج ، عن الإِمام الصادق عليه السلام أَيضاً : «... إِنَّ رسول اللَّـه صلى الله عليه واله كان نائماً في ظلِّ الكعبة ، فأَتاه جبرئيل عليه السلام ... فأَيقظه ... ثُمَّ صعد به حتَّىٰ انتهىٰ إِلى أَبواب السَّمآء ، فلمَّا رأته الملائكة نفرت عن أَبواب السَّمآء وقالت : (إِلٰهين ؛ إِلٰه في الأَرض وإِلٰه في السَّمآء ، فأمر اللَّـه جبرئيل فقال : (اللَّـه أَكبر...) ، فتراجعت الملائكة نحو أَبواب السَّمآء وعلمت أَنَّه مخلوق ؛ ففتحت الباب ، فدخل رسول اللَّـه صلى الله عليه واله حتَّىٰ انتهىٰ إلى السَّمآء الثانية ، فنفرت الملائكة عن أَبواب السَّمآء فقالت : (إِلٰهين ؛ إِلٰه في الأَرض ، وإِلٰه في السَّمآء) فقال جبرئيل : (أَشهد أَنْ لا إِلٰه إِلَّا اللَّـه ...) فتراجعت الملائكة وعلمت أَنَّه مخلوق ثُمَّ فُتح الباب فدخل عليه السلام ...»(3). ودلالة الجميع قد اتَّضحت ، ولا غبار عليها ، فتأمَّل جيِّداً. / خلوّ المقام وهذه الأَبحاث من شائبة الغلو/ / لا شائبة ولا شبهة غلو في مقامات أَهل البيت عليهم السلام/ ولخطورة هذه الأَبحاث المعرفيَّة والتَّوحيديَّة نُعيد ما ذكرناه سلفاً بشيءٍ من التَّفصيل ، فنقول : ثُمَّ إِعلم أَنَّه لا تُوجد في جملة هذه الأَبحاث وما سيأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) أَيّ شائبة غلوّ ـ وخروج عن الجادَّة والمنزلة الوسطىٰ الَّتي ليلها كنهارها جادَّة ومنزلة أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 18 : 345 ـ 347/ح56. علل الشرائع : 13 ـ 14. عيون أَخبار الرضا عليه السلام : 144ـ 146. (2) بحار الأَنوار ، 79 : 237 ـ 242/ح1. علل الشرائع ، 2 : 2ـ6. الكافي ، 3 : 482 ـ 486. (3) تفسير العيَّاشي ، 1 / رقم : (531) : 177 ـ 178