الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (1 ـ 200 ) | معارف إِلٰهيَّة : (163) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة

معارف إِلٰهيَّة : (163) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة

27/06/2024


الدرس (163) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، وصل بنا الكلام ( بحمد الله تعالى) الى الطَّائفة الثَّانية : / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل غائيَّة / / الطَّائفة الثَّانية ، ويُمثِّلها : / بيان الحديث القدسي ، عن الإِمام الباقر عليه السلام ، قال : «... كان اللّٰـه ولا شيء غيره ولا معلوم ولا مجهول ، فأَوَّل ما ابتدأ من خلق خلقه أَنْ خلق مُحَمَّداً صلى الله عليه واله وخلقنا أَهل البيت معه من نوره وعظمته ... ثُمَّ قال لمُحَمَّد صلى الله عليه واله : وعزَّتي وجلالي وعلوّ شأني ، لولاك ولولا عَلِيّ وعترتكما الهادون المهديُّون الرَّاشدون ما خلقتُ الجنَّة والنَّار ، ولا المكان ، ولا الأَرض ولا السَّماء ، ولا الملائكة ولا خلقاً يعبدني ... من أَجلكم ابتدأتُ خلق ما خلقتُ ...»(1). ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّه لقرب طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة وتتبعها طبقات حقائقهم عليهم السلام المتوسطة والنَّازلة ، وحُظُوتها لدىٰ الباري (جلَّ قدسه) ، ولعلوِّ مقاماتها وكمالاتها بحيث لا يدانيها مقامات وكمالات مخلوق قَطُّ ؛ لم يكن للمخلوقات غاية وشرف وعزّ ومجد وفخر إِلَّا أَنْ تكون الغاية من خلقتها وقوعها في طريق الوصول إِلى تلك الطَّبقات الموصلة للسَّاحة الإِلٰهيَّة ليس إِلَّا. ولَكَ أَنْ تقول : إِنَّ هناك قاعدة تُذْكَر في المباحث المعرفيَّة ، وهي : «أَنَّ الموجود والمخلوق السَّافل لا يُخلق لأَجل الموجود والمخلوق السَّافل ، بل لأَجل الموجود والمخلوق العالي». وعليه : تكون جملة العوالم الإِلٰهيَّة غيرالمتناهيَّة ، وكافَّة المخلوقات الإِلٰهيَّة غيرالمتناهية أَيضاً مخلوقة لأَجل طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة. وهذا ما تُشير إِليه ـ إِضافة لِـمَا تقدَّم ـ بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : 1ـ بيان حديث الكساء : «... وعِزَّتي وجلالي ، إِنِّي ما خَلَقتُ سمآءً مبنيَّةً ولا أَرضاً مدحِيَّةً ، ولَا قَمَراً مُنيراً ، ولا شمساً مُضيئةً ، ولا فَلَكاً يَدُور ، ولا بحراً يَجرِي ، ولا فُلْكاً تَسرِي إِلَّا لأَجْلِكُمْ... [ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا] (2) ...»(3). 2ـ بيان الحديث القدسي مُنضمّاً إِليه بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... وأَنَّ أَبي آدم لَـمَّا رأَىٰ اسمي واسم عَلِيّ وابنتي فاطمة والحسن والحسين وأَسمآء أَولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنُّور قال : إِلٰهي وسيِّدي ، هل خلقت خلقاً هو أَكرم عليكَ مِنِّي ؟ فقال : يا آدم ، لولا هذه الأَسمآء لَـمَا خلقتُ سمآءً مبنيَّة ، ولا أَرضاً مدحيَّة ، ولاملكاً مُقَرَّباً ، ولا نبيّاً مرسلاً ، ولا خلقتك يا آدم ، فلَمَّا عصىٰ آدم ربَّه وسأله بحقِّنا أَنْ يتقبَّل توبته ، ويغفر خطيئته فأجابه ، وكُنَّا الكلمات تلقَّاها آدم من ربِّه (عزَّوجلَّ) ، فتاب عليه، وغفر له ... فحمد آدم ربَّه (عزَّوجلَّ) وافتخر على الملائكة بنا...» (4). 3ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ جميع الرسل والملائكة والأَرواح خُلقوا لخلقنا ...»(5). 4ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «...إِنَّ لَنَا عند اللَّـه منزلة ومكاناً رفيعاً ، ولولا نحن لم يخلق اللَّـه أَرضاً ولا سمآءً ، ولا جنَّةً ولا ناراً ، ولا شمساً ولا قمراً ، ولا بَرّاً ولا بحراً ، ولا سهلاً ولا جبلاً ، ولا رطباً ولا يابساً ولا حلواً ولا مرّاً ، ولا ماءً ، ولا نباتاً ولا شجراً ، اخترعنا اللَّـه من نور ذاته، لا يُقاس بنا بشر...»(6). 5ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... لَـمَّا رأَوا أَسماءنا مكتوبة على سرادق العرش ... قال اللَّـه : ... لولا هؤلاء ... ما خلقتُ سمآءً مبنيَّة ، ولا أَرضاً مدحيَّة ، ولا مَلَكاً مُقرَّب ، ولا نبيّاً مرسل ، ولا خلقتكَ يا آدم ...»(7). 6ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ آدم لَـمَّا أَكرمه اللَّـه (تعالىٰ ذكره) بإسجاد ملائكته له ، وبإِدخاله الجنَّة قال في نفسه : هل خلق اللَّـه بشراً أَفضل مِنِّي ؟ فعلم اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما وقع في نفسه فناداه : ارفع رأسكَ يا آدم ، فانظر إِلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوباً : لَا إِلٰه إِلَّا اللَّـه ، مُـحمَّد رسول اللَّـه ، عَلِيّ بن أبي طالب أَمير المؤمنين ، وزوجته فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيِّدا شباب أَهل الجنَّة. فقال آدم عليه السلام : يا ربّ ، مَنْ هؤلاء ؟! فقال (عزَّوجلَّ) : من ذرِّيَّتكَ ، وهم خير منكَ ، ومن جميع خلقي ، ولولا هُم ما خلقتكَ ، ولا خلقتُ الجنَّة والنَّار ، ولا السَّمآء والأَرض ، فإِيَّاكَ أَنْ تنظر إِليهم بعين الحسد؛ فأخرجكَ عن جواري...»(8). ودلالة الجميع قد اِتَّضحت. وهذا أَحد معاني خلوص وإِخلاص السَّافل للعالي ؛ لأَنَّ كمال السَّافل يكمن في توجُّهه إِلى العالي ، لا في تمحوره حول ذاته. ومنه تتَّضح : كثير من بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الحديث القدسي مخاطباً (تقدَّس ذكره) سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «يا أَحمد، لولاك لَـمَا خلقتُ الأَفلاك ، ولولا عَلِيّ لَـمَا خلقتُكَ ، ولولا فاطمة لَـمَا خلقتكما»(9). فإِنَّه دالٌّ على أَنَّ جملة الأَفلاك لم تُخلق لولا حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ؛ فإِنَّها علَّة غائيَّة لها. وكذا طبقات حقيقته صلى الله عليه واله النَّازلة ؛ فإِنَّها لم تُخلق لولا طبقات حقيقة أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه الصَّاعدة ؛ فإِنَّ طبقات حقيقته عليه السلام الصَّاعدة علَّة غائية لطبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله النازلة. وعلى هذا قس طبقات حقيقتيهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما النازلة ؛ فإِنَّها لم تُخلق لولا طبقات حقيقة فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها الصَّاعدة؛ فإِنَّها علَّة غائيَّة لطبقات حقيقتيهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما النَّازلة. / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل فاعليَّة / / الطَّائفة الثَّالثة ، ويُمثِّلها : / أَوَّلاً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «أَنَا دحوتُ أَرضها ، وَأَنْشأتُ جبالها ، وَفَجَّرت عيونها ، وشققتُ أَنهارها ، وغرستُ أَشجارها ، وَأَطعمتُ ثمارها ، وَأَنْشَأَتُ سحابها ، وَأَسمعتُ رعدها ، ونوَّرتُ برقها ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 25 : 17 ـ 20/ح31. (2) الأحزاب : 33. (3) عوالم العلوم ، 11 / قسم : 2 : 933 . (4) بحار الأَنوار ، 35 : 23/ح15. الروضة البهية : 17 ـ 18. روضة الواعظين : 72 ـ 74. (5) بحار الأَنوار ، 39 : 350/ح24. تفسير فرات : 61 ـ 62. (6) بحار الأَنوار ، 26 : 8 ـ 17/ح2. (7) الهداية الكبرىٰ : 432. (8) بحار الأَنوار ، 26 : 273/ح15. عيون الأَخبار : 170. (9) عوالم العلوم ، 11: 43. ملتقىٰ البحرين: 14. مستدرك سفينة البحار، 3: 334