الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (304) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (304) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

18/11/2024


الدَّرْسُ (304) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التَّاسع والسِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « روح القدس أَحد أَرواح أَهل البيت عليهم السلام » وعنوان : « الوراثة الاِصْطِفَائيَّة » ؛ فإِنَّ رُوح القدس ـ وهو حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ، والوارد في بيان قوله تعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا](1)ـ مودع في ذوات الأَنبياء عليهم السلام ، وأَحد أَرواحهم من النَّبيّ آدم عليه السلام إِلى سيَّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ثُمَّ سائر أَهل البيت عليهم السلام ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل التالي : 2ـ بيان الإِمام الباقرعليه السلام أَيضاً ، عن أَبي بصير ، قال : «سألته عن قول اللّٰـه عزَّوجلَّ : [يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ](2)فقال : جبرئيل الَّذي نزل على الأَنبياء ، والرُّوح تكون معهم ومع الأَوصياء ، لا تفارقهم ، تفقِّههم وتسدِّدهم من عند اللّٰـه ...»(3). 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي بصير ، قال : «قلتُ لأَبي عبداللّٰـه عليه السلام : جُعِلْتُ فداك ، أَخبرني عن قول اللّٰـه تبارك وتعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا](4) قال: يا أَبا مُحمَّد ، خَلْقٌ واللّٰـه أَعظم من جبرئيل وميكائيل ، وقد كان مع رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله يخبره ويسدِّده ، وهو مع الأَئمَّة عليهم السلام يخبرهم ويسدِّدهم»(5). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... فينا روح رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله »(6). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن إِبراهيم بن عمر ، قال : «قلت لأَبي عبداللّٰـه عليه السلام: أخبرني عن العلم الَّذي تعلمونه ، أَهو شيء تعلَّمونه من أَفواه الرجال بعضكم من بعض ، أَو شيء مكتوب عندكم من رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ؟ فقال: الأَمر أعظم من ذلك ، أَمَا سمعتَ قول اللّٰـه عزَّوجلَّ في كتابه : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ](7) قال : قلتُ : بلىٰ ، قال : فلَمَّا أَعطاه اللّٰـه تلك الرُّوح علم بها، وكذلك هي إِذا انتهت إِلى عبد علم بها العلم والفهم ـ يُعَرِّض بنفسه عليه السلام ـ»(8). 6ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن الحارث بن المغيرة ، قال : « إِنَّ الأَرض لا تُترك بغير عَالِـمٍ . قلت : الَّذي يعلم عَالِـمكم ما هو ؟ قال : وراثة من رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ومن عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام ، عِلْمٌ يستغنىٰ به عن النَّاس ولا يستغني النَّاس عنه. قلتُ : وحكمة تقذف في صدره أَو تُنكتُ في أُذنه ؟ قال : ذاك وذاك»(9). وهذه وغيرها الكثير براهين وحيانيَّة دالَّة على وراثة ، لكنَّها ليست ماديَّة اِعْتِبَارِيَّة ، بل اِصطفائيَّة تكوينيَّة ملكوتيَّة ، لكنَّه لا تعني القول بالتناسخ الباطل بالضَّرورة الدِّينيَّة ، وإِنَّما تعني : أَنَّ هناك جُنداً وجواهراً وخوادماً ملكوتيَّة ، تنتقل للخدمة من صفيٍّ مُتقدِّم إِلى آخر متأخر زماناً. وإلى هذا أَشارت بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : ما ورد في بيانات الروايات ، أَنَّه : «أتت فاطمة بنت رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله بإبنيها الحسن والحسين عليهما السلام إِلى رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله في شكواه الَّذي توفِّي فيه فقالت : يا رسول اللّٰـه ، هٰذان ابناك فورِّثهما شيئاً. فقال : أَمَّا الحسن فإِنَّ له هيبتي وسؤددي ، وأَمَّا الحسين فإِنَّ له شجاعتي وجودي»(10). وهذه وراثة اِصطفائيَّة ، فالهيبة والسؤدد جُنْدٌ روحانيَّة ملكوتيَّة مغروزة في ذات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وجواهر مُجرَّدة ومُسخَّرة لحقيقته وذاته صلى الله عليه واله المُقدَّسة ، انتقلت إِلى ذات الإِمام المجتبىٰ عليه السلام ، لكن من دون زوالها عن ذاته صلى الله عليه واله الشَّريفة ، هذه حال الوراثة الاِصطفائيَّة. وعلى هذا قس : ما ورِثه سيِّد الشهداء عليه السلام من جدِّه صلى الله عليه واله من شجاعة وجود. بل وكُلُّ وراثة تحصل من هذا القبيل لكلِّ معصومٍ ، لكنَّها لا تزول ولا تتزلزل عن ذات المورِّث ، بل تبقىٰ على حالتها السَّابقة ، بخلاف الوراثة الماديَّة. / الوراثة الاِ صطفائيَّة لا تحجب الوراثة الماديَّة / وهذه الوراثة الاِصطفائيَّة لا تحجب ـ بالضرورة الدِّينيَّة ـ عن الوريث الوراثة الماديَّة ، خلافاً لِـمَا أَصرَّ عليه أَصحاب سُنَّة السقيفة ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الشورى : 52. (2) النحل : 2. (3) بحار الأَنوار ، 25 : 63/ح43. بصائر الدرجات : 137. (4) الشورى : 52. (5) بحار الأَنوار ، 25 : 59/ح27. بصائر الدرجات : 135. (6) المصدر نفسه : 62/ح41. بصائر الدرجات : 136. (7) الشورى : 52. (8) بحار الأَنوار ، 25 : 62/ح40. بصائر الدرجات : 136. (9) المصدر نفسه ، 26 : 62/ح141. بصائر الدرجات ، 2 : 120/ ح1169 ـ 1. (10) بحار الأَنوار ، 43 : 263/ح10. إرشاد المفيد : 169. إعلام الورىٰ : 210