مَعَارِف إِلْهِيَّة : (355) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
08/01/2025
الدَّرْسُ (355) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (39) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « اِصطلاحات وعناوين العلوم » ؛ فإِنَّ لنشوء الِاصطلاحات في كُلِّ عِلْمٍ دوراً أَساسياً في تأسيس قواعد الْعِلْمِ، وَمِنْ ثَمَّ سيطرة الباحث وهيمنته علىٰ اِصطلاحات الْعِلْمِ تُعِينَه علىٰ السَّيطرة والهيمنة علىٰ قواعد ذلك الْعِلْم وأُسسه ومطالبه. ثُمَّ إِنَّه كُلَّما اِبْتَعَد المُتعلِّم والباحث والمُسْتَنْبِط عن قوالب بيانات الوحي وعناوينه كُلَّما كانت القوالب والمعاني والمعارف والنتائج المُتداولة بشريَّة فرشيَّة أَرضيَّة، تُولِّد حاجزاً وحاجباً ومانعاً من بلوغ معاني وحقائق القوالب والمعارف والنتائج الوحيانيَّة العرشيَّة.ووصلنا (بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى العنوان التالي : « بيانات الوحي دروس من عَالَم الملكوت » ، ولازال الكلام في بياناته وأدلته ، ووصلنا الى البيان والدليل الثاني : 2ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً: «مَنْ يرد الله به خيراً يُفقهه في الدِّين»(1). 3ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً: «إِنَّ الملائكة لتضع أَجنحتها لطالب العلم حتَّى يطأ عليها؛ رضاً به»(2). 4ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام: «إِذا أَرذل الله عبداً حظَّر عليه العلم»(3) أَي: لم يوفِّقه لتحصيله. فإِنَّها براهين وحيانيَّة دالَّة علىٰ أَنَّ طُلَّاب العلوم الدِّينيَّة لو يعلمون أَيَّ نورٍ وحقيقةٍ وعلمٍ ومعلومةٍ تَزِفُّها يد السَّاحة الإِلٰهيَّة في صدورهم لَـمَاتوا شوقاً وفرحاً وبهجةً وسروراً؛ فإِنَّه ليس من الأَمر الهيِّن اِفْتِرَاش الملائكة عليهم السلام المعصومون المُطهَّرون المُكَرَّمون أَجْنِحَتهم لتطئها أَقدام طُلَّاب العلوم الدِّينيَّة(4)، فإِنَّ العلم مِنْ أَشْرَفِ ما في الوجود، وَعُلُوّ شَرَفه بِشَرَافة المعلومة، وَأَشْرَفها: المعلومة الإِلٰهيَّة. بعد الِالتفات: أَنَّنا نحن البشر في هذه النَّشْأَة الأَرضيَّة لسنا في يَقظَةٍ لمدى عظمة هذه العلوم والمعلومات وخطر فداحتها وجسامتها وقداستها ونفاستها فإِنَّها أَعظم هولاً وَأَخطر خطباً وحجماً وضخامة من عَالَم: (البرزخ)، و(القيامة)، و(الآخرة الأَبديَّة) بجنانها ونيرانها؛ لكونها(5) من عَالَم: (العقل) و(الروحانيِّين)، وهما أَرفع عَالَماً ودرجةً ورتبةً، وأَخطر هولاً مِنْ هذه العوالم ومخلوقاتها، ويُحيطان بها، ويُهيمنان عليها هيمنة اللَّطيف على الأَغلظ، ومن ثَمَّ تُدْخِل بيانات الوحي دَارِسها ومُتدَبِّرها درساً نوريّاً من عَالَم الملكوت والعوالم الغيبيَّة، وتَزِقَّه أُموراً خطيرة وحقائق مُذْهِلة وعظيمة. وفَّق الله المُشتغلين للتَّدبُّر في هذه الحقائق والعوالم والأَسرار. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 1: 177/ح49. (2) المصدر نفسه/ح47. (3) المصدر نفسه، 1: 196/ح18. (4) ينبغي الِالتفات: أَنَّ الملائكة مخلوقات جسمانيَّة لها أَجسام وأَجْنِحَة، وليست مخلوقات مُجرَّدة عن الجسميَّة كما تخرَّصه الفلاسفة؛ ومِنْ ثَمَّ حملوا أَلفاظ هذا البيان الوحياني وما شاكله علىٰ المجازيَّة. (5) مرجع الضمير: (علوم ومعلومات الوحي)