الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (367) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (367) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ

20/01/2025


الدَّرْسُ (367) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (48) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « مُصْطَلَح: (المُحدِّثين)» ؛ فإِنَّ مرادنا من مُصطلح: (المُحدِّثين) ليس ما ذهب إِليه كثير من الفقهاء والأُصوليّين من أَنَّ المراد به: (أَصحاب المنهج الأَخَبَاري الحَرْفِي الحشويّ القشريّ)؛ فإِنَّها نظرة ليست بالصَّائِبَة، وإِنَّما المراد منه: (مَنْ يحترف منظومة الحديث بمعانيها، وَأَصحاب منهج الأَخبار التَّحقيقي الْعِلْمِيّ ؛ الَّذين ينتهجون ـ ضمن الموازين والضَّوابط الْعِلْمِيَّة ـ البيانات الصِّنَاعيَّة الْعِلْمِيَّة المُوْدَعَة في سُنَّة المعصوم عليه السلام).وعليه : فالمنهج الأَخَبَاري الَّذي تحاربه بيانات الوحي ويحاربه الأُصوليُّون ذلك المنهج المُعْتَمِد علىٰ حُجِّيَّة الصُّدور حسب، بخلاف المنهج المُعْتَمِد علىٰ دراسة المتن والمضمون بموازين ضوابط وأُصول وقواعد مُحْكَمَات الدِّين؛ فإِنَّه وإِنْ سُمِّي ظاهراً منهج أَخْبَارِيّ، لكنَّ واقع حاله منهج أُصوليّ مدحته بيانات الوحي الوافرة الباهرة، فيُلاحِظ الفقيه متن الدَّليل ويدرسه بموازين القرائن وأُصول: (الكتاب) و(السُّنَّة) القطعيَّين، وأُصول: (العقل) و(الوجدان) البديهيِّين. بعد الِالتفات: أَنَّ البرهان القطعي لا يعتمد علىٰ جهة الصُّدور والسَّند، بل علىٰ جهة المتن والمضمون. وهذا ما حثت عليه بيانات الوحي المادحة للمنهج التَّحقيقي الأُصولي، والذامَّة للمنهج الحشوي، تقدم شطر منها ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الدليل التالي : 11ـ بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً: «إِذا حدَّثْتكم بشيءٍ فاسألوني عنه عن كتاب الله»(1). بتقريب: إِنَّه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَراد تنبيه أَصحابه علىٰ أَنْ لا يعتمدوا علىٰ جهة الصُّدور والنقل، وإِنَّما يعتمدوا علىٰ جهة المتن والمضمون، فإِنَّ كلام المعصوم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحْي إِلٰهيّ مُنْزَل، لكن تَلَقِّي الرَّاوي ـ وإِنْ كان ورعاً صدوقاً ـ ليس بوَحْي، بل نقل يُحْتَمَل فيه الخطأ والاِشتباه، نعم تلقِّي المعصوم عن المعصوم وَحْي إِلٰهيّ معصوم ومصون عن الخطأ والاِشتباه، فكلام سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وَحْي إِلٰهيّ، لكن تَلَقِّيه مِنْ قِبَلِ الصحابة ـ وإِنْ كانوا ثِقَات عدول ـ ليس بوَحْي، بل نقل في عُرْضَةِ الاِشتباه والخطأ، بخلاف تلقِّي أَمير المؤمنين وسائر أَهْلُ الْبَيْتِ الأَطهار صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عنه صلى الله عليه واله؛ فإنّه وَحْي إِلٰهيّ معصوم من الخطأ والِاشتباه. فالتفت. وإِلى هذا أَشارت بيانات الوحي الأُخرىٰ، منها: بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً، عن أَبان بن أَبي عياش، قال: «... ورُبَما رأَيتَ الرَّجُل يُذكر بالخير، ولعلَّه يكون ورعاً صدوقاً يُحدِّث بأَحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض قد مضىٰ من الولاة، لم يخلق الله منها شيئاً قَطُّ، وهو يحسب أَنَّها حَقٌّ لكثرة مَنْ سمعها منه مِمَّنْ لا يعرف بكذب ولا بقلَّة ورع، ويروون عن عَلِيٍّ عليه السلام أَشياء قبيحة، وعن الحسن والحسين عليهما السلام ما يعلم الله أَنَّهم رووا ذلك الباطل والكذب والزُّور. قلتُ له: أَصلحك الله، سمّ لي من ذلك شيئاً، قال: روايتهم: عمر سيِّد كهول الجنَّة، وإِنَّ عمر مُحَدَّث، وَإِنَّ المَلَكَ يُلقِّنه، وإِنَّ السَّكِيْنَة تنطق علىٰ لسانه، وعثمان الملائكة تستحي منه ... حتَّى عدَّدَ أَبو جعفر عليه السلام أَكثر من مائتي رواية، يحسبون أَنَّها حقٌّ...»(2). ودلالته واضحة علىٰ أَنَّ تلقِّي الرَّاوي ـ وإِنْ كان ثِقَةً ووَرِعاً وَصَدُوْقاً ـ غير معصومٍ، بخلاف تلقِّي المعصوم ـ كالإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ـ؛ فِإنَّه معصومٌ عن الِاشتباه والخطأ، وَمِنْ ثَمَّ مَيَّز صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ في المقام ـ من خلال المتن والمضمون ـ بيانات الوحي عن غيرها. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المصدر نفسه، 89: 91/ح36. المحاسن: 269. (2) بحار الأَنوار، 27: 211ـ 214/ح15. كتاب: (سليم بن قيس): 87 ـ90