مَعَارِف إِلْهِيَّة : (388) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
10/02/2025
الدَّرْسُ (388) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (59) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « مُصْطَلَح : (النَّفس الكُلِّيَّة)» ؛ فإِنَّ المراد من مُصْطَلَح (الكُلِّيَّة) المأخوذة في عنوان: (النَّفس الكُلِّيَّة) الوارد في أَبواب المعارف والمباحث العقليَّة ليس الكُلِّي المنطقي ، بل الاِقتصادي، يعني: الكُل، أَي: السَّعَة والشموليَّة ، وعليه: تكون وظيفة النَّفس الكُلِّيَّة إِدارة عَالَم الأَجسام بشكله العام، فتدير: الأَرضين والسَّماوات السَّبع وما فوقها من عوالم، والجنَّة والنَّار، وجميع ما فيها من مخلوقات. ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : بل ولاية المعصوم من أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وإِدارته لا تختصُّ بأَهل الأَرض، بل شاملة بالضَّرورة لجميع الجنَّ، بل والملائكة، بل ولجميع عوالم الخِلْقَة وما فيها، كولاية وإِدارة الله عَزَّ وَجَلَّ. وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي الأُخرىٰ. فانظر: 1ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ للَّـه عَزَّ وَجَلَّ اثنى عشر أَلف عَالَم ، كلُّ عَالَمٍ منهم أَكبر من سبع سماوات وسبع أَرضين ، ما يرى عَالَم منهم أَنَّ للّٰـه عَزَّ وَجَلَّ عَالَـمـاً غيرهم ، وإِنِّي الحُجَّة عليهم»(1). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً، عن سليمان بن خالد، قال: «سمعتُ أَبا عبد الله عليه السلام يقول: ما من شيءٍ ولا من آدميٍّ ولا إِنسيٍّ ولا جنِّيٍّ ولا ملكٍ في السَّماوات إِلَّا ونحن الحجج عليهم، وما خلق الله خلقاً إِلَّا وقد عرض ولايتنا عليه واحتجَّ بنا عليه، فمؤمن بنا وكافر وجاحد حتَّى السَّماوات والأَرض والجبال (الآية)»(2). 3ـ بيانه عليه السلام أَيضاً، عن أَبان بن تغلب، قال: «كنت عند أَبي عبد الله عليه السلام ، فدخل عليه رجل من أَهل اليمن، فقال له: يا أَخا أَهل اليمن عندكم علماء؟ قال: نعم. قال: فما بلغ من علم عَالِـمكم؟ قال: يسير في ليلة مسيرة شهرين، يزجر الطير، ويقفو الأَثر! فقال أبو عبد الله عليه السلام : عَالِم المدينة أَعلم من عَالِـمكم! قال: فمَا بلغ من علم عَالِـم المدينة؟ قال: يسير في ساعة من النَّهار مسيرة الشَّمس سنة حتَّى يقطع اثني عشر أَلف عَالَم مِثْل عَالَـمكم هذا، ما يعلمون أَنَّ الله خلق آدم ولا إبليس! قال: فيعرفونكم؟ قال: نعم، ما افترض عليهم إلَّا ولايتنا والبراءة مِنْ عدُّونا»(3). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً: «الحُجَّة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق»(4). 5ـ بيان الإِمام الرِّضا عليه السلام : «نحن حجج الله في أرضه(5)، وخلفاؤه في عباده، وأُمناؤه علىٰ سرِّه، ونحن كلمة التَّقْوَىٰ، والْعُرْوَة الوثقىٰ، ونحن شهداء الله وأعلامه في بريَّتِهِ، بنا يُمْسِك الله السَّماوات والأَرض أَنْ تزولا، وبنا ينزّل الغيث، وينشر الرَّحمة، لا تخلو الأَرض من قائم مِنَّا ظاهر أَو خاف، وَلَو خَلَت يوماً بغير حُجَّة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأَهله»(6). ودلالة الجميع واضحة. ومِنْ ثَمَّ توصَّلَ العلم الحديث لقناعات: أَنَّ للبيئات والمخلوقات المختلفة في عَالَم الطبيعة: دورةً منظوميَّةً وحلقات يُؤثِّر ويتأَثر بعضها بالآخر، ويتناسق وينتظم بعضها بالآخر أَيضاً، فلذا لا يمكن إِدارة حلقة من حلقاتها بشكل منتظم ومُتكامل إِلَّا بإِدارة سائر الحلقات، فجميعها تؤثِّر في حياة الإِنسان وغيره من المخلوقات. / العقول وارتباطها بالنُّفوس / ومن كُلِّ ما تَقَدَّمَ يَتَّضح : أَنَّ العقل الكُلِّي يُؤثِّر على النَّفس الكُليَّة ویُدير ویُدبِّر أُمورها وشؤونها وتوابعها. والنَّفس الكُليَّة هي النَّفس المرتبطة بأَرفع الأَجسام وأَعلاها وأَوسعها. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 27: 41/ح1. الخصال، 2: 171. (2) بحار الأَنوار: 46/ح7. السرائر: 473. (3) بحار الأَنوار، 55: 228/ح10. بصائر الدرجات: 119. الاختصاص: 319. (4) بحار الأَنوار، 23: 38 /ح16. إِكمال الدين: 128. (5) في المصدر: (في خلقه). (6) بحار الأَنوار، 23: 35/ح59. إِكمال الدِّين: 177