الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (390) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (390) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ

12/02/2025


الدَّرْسُ (390) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (59) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « مُصْطَلَح : (النَّفس الكُلِّيَّة)» ؛ فإِنَّ المراد من مُصْطَلَح (الكُلِّيَّة) المأخوذة في عنوان: (النَّفس الكُلِّيَّة) الوارد في أَبواب المعارف والمباحث العقليَّة ليس الكُلِّي المنطقي ، بل الاِقتصادي، يعني: الكُل، أَي: السَّعَة والشموليَّة ، وعليه: تكون وظيفة النَّفس الكُلِّيَّة إِدارة عَالَم الأَجسام بشكله العام، فتدير: الأَرضين والسَّماوات السَّبع وما فوقها من عوالم، والجنَّة والنَّار، وجميع ما فيها من مخلوقات. ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : / النَّفس الكُليَّة طبقة من طبقات حقيقة فاطمة الزهراء عليها السلام الصَّاعدة / ثُمَّ إِنَّ النَّفس الكُليَّة الأُولىٰ وَأَكبر النُّفوس على الإِطلاق ، والَّتي تقوم بدور إِثبات جملة التقادير وأَلواح القدر لِـمَا دونها ليست هي إِلَّا نفس واحدة، وهي المُعبَّر عنها في بيانات الوحي بـ: (ليلة القدر) ، والتي خلقت في بداية عالم الدنيا ، فانظر : بيان الإمام الجواد عليه السلام : « لقد خلق تعالى ليلة القدر أول ما خلق الدنيا، ولقد خلق فيها أَوَّل نبي يكون، وأَوَّل وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كُلِّ سنةٍ ليلةٍ يهبط فيها بتفسير الأُمُور إلى مثلها من السنة المقبلة فمَنْ جحد ذلك فقد رَدَّعلى الله تعالى عِلْمه ...» (1) ، وليلة القدر هذه هي نفس البضعة الطَّاهرة فاطمة الزَّهراء صلوات اللّٰـه عليها، ومن ثَمَّ ورد في حقِّها في بيانات الوحي: أَنَّ روَّاد القرون الأُولىٰ ـ وفي العوالم السَّالفة ومن بداية الخلقة ـ من كُمَّل المخلوقات كالأَنبياء والمرسلين والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام دارت اِمْتِحَاناتهم واختبار معرفتهم ومعارفهم واعتقاداتهم على قطبٍ محوريّ معرفيّ، وهو: معرفة حقيقتها صلوات اللّٰـه عليها؛ ليُعطىٰ كُلّ مخلوقٍ حقَّه ومسؤوليَّاته الإِلٰهيَّة المستقبليَّة وفي جملة عوالمه المارّ بها، وأَحد المهام الإِلٰهيَّة المُلقاة على عاتق إِحدىٰ مراتب حقيقتها صلوات اللّٰـه عليها الصَّاعدة ـ وهي: مرتبة النَّفس الكُليَّة ـ: قيامها ليلة القدر بجملة تقادير عَالَم الإِمكان والوجود وجملة عوالمه ومخلوقاته غير المتناهية من بداية الخلقة إِلى ما لا نهاية له. وإِلى كُلِّ هذا أَشارت بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان الحديث القدسي، عن أَبي عبد الله عليه السلام ، قال: «قال الله تبارك وتعالىٰ: يا مُحمَّد، إِنِّي خلقتكَ وعَلِيّاً نوراً ـ يعني: روحاً ـ بلا بدن قبل أَنْ أَخلق سماواتي وأَرضي وعرشي وبحري، فلم تزل تهللني وتمجدني، ثُمَّ جمعتُ روحيكما فجعلتهما واحدة، فكانت تمجِّدني وتقدّسني وتهللني، ثُمَّ قسَّمتها ثنتين، وقسَّمتُ الثنتين ثنتين، فصارت أَربعة: مُحمَّد واحد، وعَلِيّ واحد، والحسن والحسين ثنتان، ثُمَّ خلق الله فاطمة من نورٍ ابتدأَها روحاً بلا بدن، ثُمَّ مسحنا بيمينه، فأفضىٰ نوره فينا»(2). 2ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... إِنَّ الله تعالىٰ خلقني وخلق عَلِيّاً والحسن والحسين من نور قدسه، فلَمَّا أَراد أَنْ ينشئ خلقه فتق نوري ... فضجَّت الملائكة ونادت: إِلٰهنا وسيِّدنا بحقِّ الأَشباح الَّتي خلقتها إِلَّا ما فرَّجت عنَّا هذه الظُّلمة، فعند ذلك تكلَّم الله بكلمةٍ أُخرىٰ فخلق منها روحاً، فاحتمل النُّور الرُّوح، فخلق منه الزَّهراء فَأَقامها أَمام العرش، فأَزهرت المشارق والمغارب ...»(3). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة، بعد الاِلتفات: أَنَّ حقيقة النَّفس والرُّوح واحدة ـ كما دلَّت على ذلك بيانات الوحي ـ وهي على مراتب وطبقات، طبقاتها الصَّاعدة تُسَمَّىٰ روح من التروُّح والتَّلَطُّف، وطبقاتها النَّازلة تُسَمَّىٰ نفس. 3ـ بيان الإمام الباقر عليه السلام : «إِنَّ فاطمة هي ليلة القدر، مَنْ عَرفَ فاطمة حقّ معرفتها فقد أَدرك ليلة القدر، وإِنَّما سُمِّيت فاطمة لأَنَّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النُّبُوَّة للنَّبيّ حتَّى أَقَرَّ بفضلها ومحبَّتها، وهي الصدِّيقة الكُبرىٰ، وعلى معرفتها دارت القرون الأُولَىٰ»(4). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً: «... ولقد كانت صلوات اللّٰـه عليها طاعتها مفروضة على جميع من خلق من الجن والإِنس، والطَّير والبهائم، والأَنبياء والملائكة»(5). 5ـ بیان تفسير الإِمام الصَّادق عليه السلام ، قال: «[إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ](6) الليلة: فاطمة، والقدر: الله؛ فَمَنْ عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أَدرك ليلة القدرة، وإِنَّما سُمِّيت فاطمة؛ لأَنَّ الخلق فطموا عن معرفتها»(7). 6ـ بیان تفسيره عليه السلام أَيضاً: «... وَأَمَّا قوله: [لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ](8) يعني: فاطمة عليها السلام ، وقوله: [تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا](9)... والرُّوح: روح القدس، وهو في فاطمة عليها السلام ...»(10). ودلالة الجميع واضحة. وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 25: 73 ـ 74/ح63. كنز الفوائد : 395 ـ 398 . (2) بحار الأَنوار، 15: 18 ـ 19/ح28. الأُصول، 1: 440. (3) بحار الأَنوار، 36: 73 ـ 74/ح24. كنز جامع الفوائد (مخطوط). (4) بحار الأَنوار، 43: 105. تفسير فرات الكوفي، سورة القدر. (5) دلائل الإِمامة، الطبري: 106. ( 6) القدر: 1. (7) بحار الأَنوار، 43: 65/ح58. (8) القدر: 3. (9) القدر: 4. (10) بحار الأَنوار، 25: 97/ح70