الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (392) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (392) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ

14/02/2025


الدَّرْسُ (392) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (60) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « اِطلاقات عنوان وَمُصْطَلَح النَّفس الوارد في أَبواب المعارف » ؛ فإِنَّه يُطلق في أَبواب المعارف علىٰ معانٍ عِدَّة : فيُطلق تارة ويراد منه: الغرائز النَّازلة في ذات الإِنسان، في مقابل الرُّوح. ويُطلق أُخرىٰ ويراد منه: ما يعمُّ النَّفس بالمعنىٰ الأَخَصِّ والرُّوح.ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الاطلاق الثالث : ويطلق ثالثة ويُراد منه: ما يُقابل العقل، أَي: قوَّة جوهريَّة مشتملة علىٰ غرائز وقوى نزويَّة، فهي عَالَم ظلمانيٌّ دون العقل، وهو عَالَم نورانيٌّ. وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي، منها: اوَّلاً: بيان قوله تعالىٰ: [مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ](1). ثانياً: بيان قوله تقدَّس ذكره: [فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ](2). ثالثاً: بيان قوله عزَّ قوله: [قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي](3). رابعاً: بيان قوله جلَّ ذكره: [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ](4). خامساً: بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِنَّ العقل عِقال من الجهل، والنَّفس مِثْل أَخبث الدَّوابّ فإِنْ لَمْ تُعقل حارت(5)، فالعقل عِقال من الجهل...»(6). سادساً: بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «اعرِفُوا العقل وجُنْدَهُ، والجهل(7) وجُنْدَهُ تهتدوا ... إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ العَقْلَ وهو أَوَّل خلقٍ من الرُّوحانيِّين عن يمين العرش من نوره، فَقَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ؛ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبل فَأَقْبَل؛ فقال الله تبارك وتعالى: خلقتُكَ خَلْقاً عظيماً وكَرَّمتُكَ على جميع خَلْقِي، قال: ثُمَّ خَلَقَ الجَهلَ مِنَ الْبَحرِ الأُجَاجِ ظُلْمانياً، فقال له: أَدْبِر فَأَدْبَرَ؛ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِل فَلَمْ يُقْبِل فقال له: استكبرتَ؟ فَلَعَنَهُ، ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وسبعينَ جُنْداً، فَلَمَّا رأىٰ الجَهلُ ما أَكرَمَ اللَّـه به العقلَ وما أعطاهُ، أضمَرَ لَهُ العَدَاوَةَ، فقال الجَهلُ: يَارَبِّ، هذا خَلْقٌ مِثْلِي خلقته وكَرَّمتَهُ وقَوَّيتهُ، وأَنَا ضِدُّهُ، ولا قُوَّة لي به، فأَعْطِنِي من الجُنْدِ مِثْلَ ما أَعْطَيْتَهُ، فقال: نعم، فإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذلك أَخْرَجْتُكَ وَجُنْدَكَ مِنَ رَحْمَتِي، قال: قَدْ رَضِيْتُ، فَأَعْطَاهُ خمسةٌ وَسَبْعِينَ جُنْداً...»(8) (9). سابعاً: بيانه عليه السلام أَيضاً: «... الظَّالم يحوم حول نفسه، والمُقتصد يحوم حول قلبه، والسَّابق يحوم حول ربِّه عَزَّ وَجَلَّ »(10). ويُطلق رابعة ويراد منه: ذات الإٍنسان بجميع مراتبها؛ بما فيها المرتبة العقليَّة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء: 79. (2) المائدة: 30. (3) طه: 96. (4) ق: 16. (5) أَي: هلكت. (6) بحار الأَنوار، 1: 117/ح11. (7) مراد الإِمام عليه السلام من عنوان : (ِ الجهل ) في المقام كناية عن النَّفس الأَمَّارة بالسُّوْءِ والشَّهوات والَّتي تكون مبدأ لكلّ خطيئة، لا الجهل المقابل للعلم؛ وذلك لقرائن، منها: 1ـ إِنَّ المقابل للجهل هو العِلْم وليس العقل، بل صرَّحَ عليه السلام في تعداد جنودهما بذلك، فقال: «... والعِلْمُ وضِدَّه الْـجَهْلَ ...». 2ـ إِنَّ الجهل ـ المقابل للعقل ـ لو أُريد منه ـ الجهل ـ معناه الحقيقي لم يصحَّ أَخذه جُنْداً من جنوده ـ الجهل ـ . 3ـ ما ذكره عليه السلام من جُنْدٍ للجهل هي بنفسها جُنْد وأَعْوان معهودة للنفس. وعليه: لا بُدَّ منْ حمل (الجهل) الَّذِي أَخذه الإِمام عليه السلام في صدر بيانه الشريف ـ وهو صاحب الجُنْد ـ علىٰ مخلوق آخر، وهو النَّفس. (8) أُصول الكافي، 1: 17/ح14. (9) يجدر صرف النَّظر في المقام إِلى الأُمور التَّالية: الأَمر الأَوَّل: / وصف النَّفس بعنوان (الجهل) / إِنَّ النَّفس توصف بعنوان: (الجهل)، وذلك إِذا كانت غير مُسَخِّرة وغير منقادة للعقل، وإِلَّا فلا توصف بذلك. الأَمر الثَّاني: / خطورة حديث (جُنْد العقل والجهل) للإِمام الصَّادق عليه السلام / إِنَّ فقرات بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام في حديث: (جُند العقل والجهل) عبارة عن بيانات لأُسس التَّشريع الإِسلامي، وبيانات لمقاصد الشَّريعة، وبيانات الأُسس عامَّة في المعرفة الدِّينية المرتبطة بفصل النُّبوَّة والإِمامة، والمرتبطة بارتباط فقه الفروع بفقه العقائد. الأَمر الثَّالث: / قراءة قوىٰ النَّفس لقواها الأُخرىٰ/ يمكن لقوىٰ النَّفس الإِنسانيَّة قراءة بعضها للغة البعض الآخر. الأَمر الرَّابع: / مسؤوليَّات النَّفس الكُلِّيَّة / إِنَّ للنَّفس الكُليَّة شؤوناً وشجوناً كثيرة، وطبيعة إِدارة السَّمآء والمجرَّات والأَحوال الفيزيائيَّة وجملة الكائنات تحتاج إِلى نفس مترامية الشؤون، خازنة وحافظة للمعلومات المفاضة من العقول. (10) بحار الأَنوار، 23: 214/ح2. معاني الأَخبار: 36