مَعَارِف إِلْهِيَّة : (422) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
16/03/2025
الدَّرْسُ (422) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (84) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « حقيقة الموت وما شاكلتها » ؛ فإِنَّ البعض حسب أَنَّ حقيقة الموت أَمرٌ عدميٌّ ـ أَي: انفصال الرُّوح عن الجسد ـ . لكنَّ الثابت في بيانات الوحي : أَنَّه أَمرٌ وجوديٌّ، أَي: حركة الرُّوح وخروجها من الجسد الغليظ، واِنْبِعَاثها في جسدٍ أَلطف، وهو: الجسد البرزخي أَو المثالي، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وللتوضيح أَكثر نقول: إِنَّ الإِماتة نوع من الِارتباط والجذب الرُّوحي بين المُمِيت والمَيِّت، ومن ثَمَّ تحتاج عمليَّة قبض الرُّوح إِلى حضور المُميت ـ كـ: عزرائيل عليه السلام (1)ـ وقربه وبُعده ومحاذاته الرُّوحيَّة الخاصَّة لروح المَيِّت، وَتَبَاشِره ومباشرته مع روحه لجذبها، والباري تعالىٰ مُنَزَّه عن جميع ذلك؛ لأَنَّه ليس بجسم ولا عقل ولا روح. فانظر: بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام في أَجوبته علىٰ تساؤلات الزِّندِيق: «... قال للزِّنديق حين سأله: ... فما هو؟ قال أَبو عبدالله عليه السلام : هو الرَّبُّ، وهو المعبودُ، وهو الله ... قال السَّائلُ: فيُعَاني الأَشياء بنفسه؟ قال أَبو عبدالله عليه السلام: هو أَجَلُّ من أَنْ يُعانِيَ الأَشياءَ بِمُبَاشَرَةٍ ومُعَالَجَةٍ؛ لأَنَّ ذلك صِفَةُ المَخلُوقِ الَّذي لا تجيءُ الأَشياءُ له إِلَّا بالمُبَاشَرَةِ والمُعالجةِ، وهو مُتَعَالٍ، نافذُ الإِرادةِ والمشيئَةِ، فَعَّالٌ لِـِمَا يَشَاءُ»(2). 2ـ بيان الإِمام الكاظم عليه السلام: «... إِنَّ الله تبارك وتعالىٰ لا يَنْزِل، ولا يحتاج إِلى أَنْ ينزل، إِنَّما منظره في القرب والبُعد سواءٌ، لم يبعد منه قريب، ولم يقرب منه بعيد ...»(3). 3ـ بيان الإِمام الرِّضا عليه السلام: «... فكُلّ ما في الخلق لا يوجد في خالقه، وكُلّ ما يمكن فيه يمتنع من صانعة، لا تجري عليه الحركة والسُّكُون، وكيف يجري عليه ما هو أَجْرَاه، أَو يعود إِليه ما هو اِبتدأه، إِذاً لتفاوتت ذاته، ولتجزَّأ كُنْهُهُ...»(4). ودلالة الجميع واضحة. نعم، يحتاج إِلى ذلك عزرائیل وجنده عليهم السلام ،... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الِالتفات: أَنَّ ملك الموت عزرائيل عليه السلام ليس مُوكَّلاً بقبض أَرواح الإِنس فحسب، بل وبقبض أَرواح الجنِّ والملائكة والحيوانات، بل والنباتات؛ لكونها ذوات أَرواح نباتيَّة. / غرابة تحسُّس أَصحاب المدارس المعرفيَّة من إِسناد أَفعال الملائكة لأَهل البيت عليهم السلام / ثُمَّ إِنَّه من الغريب ما يصدر من أَصحاب المدارس المعرفيَّة البشريَّة؛ فإِنَّهم لا يتحسَّسُون من إِسناد هذه الأَفعال وماشاكلها ـ كالإِحياء ـ إِلى الملائكة عليهم السلام ، ولا يرمون مُعْتَقِدها بالغُلُوّ وتأليه الملائكة، لكنَّهم يَتَحَسَّسُون من إِسنادها لأَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم)، ويرمون مُعتقِدها بالغُلُوِّ في حقِّهم (صلوات اللّٰـه عليهم) وتأليههم، وبحلول اللَّاهوت في النَّاسوت، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا، بعد دلالة الدَّليل ووحدة القاعدة العقليَّة في كليهما، بل وعُلُوّ مقاماتهم (صلوات اللّٰـه عليهم)، وتقدُّم مراتب وطبقات حقائقهم (صلوات اللّٰـه عليهم) علىٰ مراتب وطبقات حقائق جملة الملائكة، بل الملائكة وحقائقهم ووجوداتهم رَشْحَة من رَشْحَات حقائقهم (صلوات اللّٰـه عليهم) الصَّاعدة؛ فيكون ما أُعطي للملائكة وما تمتَّعوا به من كرامات وفضائل وکمالات ومقامات ثابت بالأَولىٰ لأَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم)؛ لأَنَّهم علل فاعليَّة لوجود وخلقة الملائكة، بل وجملة العوالم والمخلوقات، وعلىٰ الأَقلِّ وسائط فيض إِلٰهيَّة لكافَّة العوالم وجميع المخلوقات منهم جملة الملائكة. وجميع ما حوته المعلولات من فضلٍ وكمالٍ ومقامات إِلٰهيَّة موجودة في عللها وزيادة ـ ورأس هرم تلك العلل طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصاعدة ـ ، وإِلَّا ففاقد الشيء لا يُعطيه. فتدبر جِيِّداً. (2) أُصول الكافي، 1: 60ـ61/ح6. (3) توحيد الصدوق: 178/ح18. (4) المصدر نفسه: 41/ح2