مَعَارِف إِلْهِيَّة : (430) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
24/03/2025
الدَّرْسُ (430) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (88) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « الكلام الإِلهيّ » ؛ فإِنَّ المراد من كلام الباريّ سبحانه وتعالى الوارد في بيانات الوحي ليس بالأَلفاظ المتعارفة؛ لاستحالتها في حقِّه سبحانه وتعالى؛ للزوم: الإِمكان، والحدوث، والحاجة، وإِنَّما المراد منه: الفعل، والإيجاد والفيض الإِلهيّ ، ومِنْ ثَمَّ يكون قضاءه سبحانه وتعالىٰ وأَقْدَاره الَّتي تجري علىٰ المخلوق كلام منه جلَّ ثناؤه مع المخلوق ، نعم يحتاج لترجمته وفهمه أُذناً واعية ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : لكن: ليس المراد منها الأُذن الشَّحميَّة، بل اسم جنس مُشير إِلى آذان طبقات حقائق وذوات الإِنسان الصَّاعدة ـ فإِنَّ للإنسان طبقات من الأَبدان، ولكلِّ واحدٍ منها حواسِّه الخاصَّة ـ لكنَّها ـ رغم فعَّاليَّة الأُذن الشَّحميَّة ـ قد لا تكون تلك الآذان مُفعَّلة؛ إِمَّا لكثرة المعاصي ، أَو لعدم معرفة صاحبها كيفيَّة إِدارتها وتفعيلها، وحينئذٍ لا تلتقط الهواتف والنداءات الإِلٰهيَّة والكلام الإِلهيّ (1) . وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله تعالى مُقتصّاً خبر أَهل النَّار: [وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ](2). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يجدر صرف النظر في المقام إلى القضيتين التاليتين: القضيَّة الأُوْلَىٰ: / للإِنسان في العوالم السَّابقة عدَّة نَشَآت / إِنَّ الثَّابت في بيانات الروايات المتواترة بين الفريقين: أَنَّ للإِنسان قبل عَالَم الدُّنيا وفي العوالم العلويَّة نَشَآت عديدة، وهي وإِنْ لم تكن فيها تكاليف شرعيَّة؛ لكن فيها تكاليف دينيَّة. إِذَنْ : الثَّابت في بيانات الوحي: أَنَّ الإِنسان مرَّ بِنَشَآت سابقة كثيرة، وعاش بأَبداٍن عديدة تختلف عن بدنه الدُّنيوي هذا، وكانت له كينونة حيَّةً بحياةٍ شاعرةٍ أَعظم من كينونة عَالَم الدُّنيا وشؤونها. ثُمَّ إِنَّ هذه النَّشَآت بعضها جسمانيَّة، والأُخرىٰ عقليَّة وفوق عَالَم الآخرة الأَبدية، وثالثة نوريَّة وفوق عَالَم العرش. وهذا البحث له اِرتباط ببحث عَالَم الرَّجعة الَّذي لم تلجه مدارس البشر المعرفيَّة، كـ: الفلسفيَّة، والكلاميَّة، والعرفانيَّة، والصوفيَّة، والتَّفسيريَّة. وهذه القضيَّة مع ثبوتها في بيانات الوحي المُتواترة؛ لكن لم يستوعبها أَصحاب مدارس البشر المعرفيَّة ـ كـ: أَصحاب المدرسة: الكلاميَّة، والعرفانيَّة، والصُّوفيَّة، والتَّفسيريَّة، والفلسفيَّة؛ بما فيهم المَشَّآء والإِشراق القائلين بـ: (قِدَم الرُّوح)؛ فإِنَّهم لا يقولون بـ: (أَنَّ للرُّوح أَبدان سابقة) ـ ومن ثَمَّ غُيِّبَت في ثقافتهم. ومنه يتَّضح: أَنَّ ما رُسم من خريطةٍ معرفيَّةٍ في علم: الفلسفة، والكلام، والعرفان، والتَّصَوُّف، والتَّفسير بناءٌ بشريٌّ ضئيل؛ فلذا أَوَّلُوا حقائق وحيانيَّة دامغة، واردة في بيانات وحيانيَّة وصريحة، وحملوها علىٰ معانيها المجازيَّة. وهذا ما يُوضِّح: سبب كثير من الإِشكالات والِاعتراضات والشُّبُهات الواردة والنَّاشئة علىٰ مشهد الثقافة الإِسلاميَّة والإِيمانيَّة؛ فإِنَّها حصلت نتيجة البناء علىٰ قناعات مرسومة في المدارس المعرفيَّة البشريَّة. القضيَّة الثَّانية: / باطن ذات الإِنسان ينطوي علىٰ ملَفَّات علوم مُركَّزَة / ثبت في العلوم العلميَّة الحديثة، والعلوم: (العقليَّة) و(الرُّوحيَّة) و(الإِنسانيَّة): أَنَّ لذات الإِنسان مخازناً، وعقلاً باطناً، وذاكرة إِجماليَّة، وارتكازاً باطناً تنطوي وتُلَفّ فيه علومه ومعلوماته بشكل مُرَكَّز. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي، منها: بيان أَمير المؤمنين (صلوات اللّٰـه عليه): «... فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ ... وَيُثِيرُوا لَـهُمْ دَفَائِنَ اَلْعُقُولِ ...». نهج البلاغة/خ1: 45ـ 46. (2) الملك: 10