مَعَارِف إِلْهِيَّة : (435) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
30/03/2025
الدَّرْسُ (435) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية: / الْفَائِدَةُ : (89) / / اِشتقاق لفظ ومعنى: (الْجِبْت)/ إِنَّه لا يبعد: أَنَّ بين لفظ ومعنىٰ: (الجب) ولفظ ومعنىٰ: (الْجِبْت)(1) اِشتقاق لغويّ؛ فإِنَّ معنىٰ لفظ: (الجب): القاطع. ومعنىٰ لفظ: (الْجِبْت): القاطع للطريق الموصل للخير والسَّاحة الإِلٰهيَّة، كالأَصنام، وكُلّ ما يُعبد من دون اللّٰـه، ويُطاع من غير إِذنه تقدَّس ذكره، الصَّارف عن السَّبيل والصِّراط المُستقيم الموصل للخير والسَّاحة الإِلٰهيَّة. وإِلى هذا أَشارت بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، الوارد في تفسير بيان قوله تعالىٰ: «... [وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ](2)، أَخذ الْعِلْم من أَهله، [وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ](3)، والخبائث قول مَنْ خالف ... [وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ](4)، يعني: الَّذين اجتنبوا الْجِبْت والطَّاغوت أَنْ يعبدوها، والْجِبْت والطَّاغوت فلان وفلان وفلان، والعبادة: طاعة النَّاس لـهم ...»(5). 2ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن داود الرقي، قال: «قلتُ لأَبي عبداللّٰـه عليه السلام : حَدِّثِنِي عن أَعداء أَمير المؤمنين وأَهل بيت النُّبوَّة، فقال: الحديث أَحبُّ إِليك أَم المعاينة؟ قلتُ: المعاينة، فقال لأَبي إِبراهيم موسىٰ عليه السلام : ائتني بالقضيب، فمضىٰ واحضره إِيّاه، فقال له: يا موسىٰ، اضرب به الأَرض، وأَرهم أَعداء أَمير المؤمنين عليه السلام وأَعداءنا، فضرب به الأَرض ضربة فانشقَّت الأَرض عن بحرٍ أَسودٍ، ثُمَّ ضرب البحر بالقضيب، فانفلق عن صخرةٍ سوداءٍ، فضرب الصخر فانفتح منها باب، فإِذا بالقوم جميعاً لا يحصون لكثرتهم، وجوههم مسودَّة، وأَعينهم زرق، كُلُّ واحدٍ منهم مصفد مشدود في جانب مِنْ الصخرة، وهم ينادون: يا مُحمَّد! والزبانية تضرب وجوههم، ويقولون لهم: كذبتم ليس مُحمَّد لكم، ولا أَنتم له، فقلتُ له: جُعِلْتُ فِدَاك! مَنْ هؤلاء؟! فقال: الْجِبْت، والطَّاغوت، والرجس، واللَّعين ابن اللَّعين، ولم يزل يُعدِّدهم كلّهم مِنْ أَوَّلهم إِلى آخرهم حتَّىٰ أَتَىٰ على أَصحاب السَّقيفة، وَأَصحاب الفتنة، وبني الأَزرق والاوزاع، وبني أُميَّة، جدَّد اللّٰـه عليهم العذاب بكرة وأَصيلاً، ثُمَّ قال للصَّخرة انطبقي عليهم إِلى الوقت المعلوم»(6). وعلى ضدِّه قام معنىٰ الآية الإِلٰهيَّة؛ فإِنَّها: الوسيلة(7) والصِّراط الحصري المُستقيم؛ والعاصم، والموصل لساحة القدس الإِلٰهيَّة والخير، والمُنجي من اِكتناه الذَات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة، ومن التَّشبيه والتَّعطيل. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الاِلتفات لعناوين ثلاثة، وردت في بيانات الوحي؛ والتفرقة بينها : أَحدها: (الْجِبْت)؛ فإِنَّه يُطلق في بيانات الوحي الإِلٰهيّ الشَّريف ويُراد منه: صاحب أَصل البِدْعَة والفتنة، القاطع للطَّريق المُستقيم بوجه المخلوق بعد سلوكه. مثاله: المستولي الأَوَّل. الآخر: (الطَّاغوت)؛ فإِنَّه يُطلق أَيضاً في بيانات الوحي ويُراد منه: المروج للفتن، والمُمِدُّ للجوابيت والفراعنة. مثاله: المستولي الثَّاني. ثالثها: (الفرعون)؛ فإنَّه يُطلق كذلك في بيانات الوحي ویُراد منه: الصَّاد للعبد مِنْ سلوك الصراط المُستقيم من بداية الطَّريق. مثاله: أَبو جهل، والمستولي الثَّالث. هذه ثلاثة عناوين دينيّة ووحيانيَّة خطيرة ومُهمَّة جِدّاً. (2) الأَعراف: 157. (3) الأَعراف: 157. (4) الأَعراف: 157. (5) بحار الأَنوار، 24: 353 ـ 354/ح73. (6) بحار الأَنوار، 28: 84/ح14. عيون المعجزات: 86. (7) يجدر الاِلتفات: أَنَّ أَعظم أَنواع التَّوسُّل، بل أَعظم شيء في الدِّين هو: التَّوسُّل بالمعرفة والعقيدة الحقَّة