مَعَارِف إِلْهِيَّة : (477) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
10/05/2025
الدَّرْسُ (477) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (122) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « العلاقةُ بين اللُّغَة العِبْرَانِيَّة والسُّرْيَانِيَّة واللُّغَة العربيَّة » ، وعنوان : « اللُّغَةُ العربيَّةُ أَعظم اللُّغات » ؛ فإِنَّ التَّعَرُّف علىٰ اللُّغَةِ العِبْرَانِيَّةِ والسُّرْيَانِيَّةِ والتَّعاطي معهما أَمرٌ مُهمٌّ في أَبواب المعارف الْإِلَهِيَّة ؛ لنزول الوحي الْإِلَهِيّ بهما ، وهما خَتَنُ اللُّغَة العربيَّة ؛ ومن شجرتها إِلَّا أَنَّ اللُّغَة العربيَّة أَقوىٰ وأَفْصَحَ وَأَتْقَنَ ، بل الثَّابت عِلْمِيّاً : أَنَّها أَقوىٰ اللُّغَات العِلْمِيَّة في كافَّةِ العلوم ، وَأَكفاؤها وَأَتْقَنُها وَأَدَقُّها وأَرْصَنُها وأَرْصَفُها وَأَحْصَفُها وَأَجْدَرُها وَأَثْرَاها علىٰ الإِطلاق ، وأَضْعَفَها اللُّغَة الإِنكليزيَّة ؛ ومِنْ ثَمَّ توجد في اللُّغَةِ العربيَّةِ (١٢) مليون مفردة ، وفي اللُّغَةِ الإنكليزيَّةِ (٦٠٠) أَلف مفردة ، بل اللُّغَةُ اللَّاتينيَّة ـ ومن فروعها اللُّغَة الإِنكليزيَّة ـ هي أَفشل واَبْذَل وأَرْخَىٰ اللُّغَات تَرَهُّلاً ، ولغَةُ مُبْتَذَلة ومُنْفَرِطَة ، لا تَضْبِط حدود وتعاریف العلوم. بل مَنْ يتأَمَّل علوم جملة اللُّغَات فسيجدها عَالَة علىٰ اللُّغَةِ العربيَّةِ ؛ ومحتاجة إِليها ، وَمِنْ ثَمَّ اِقْتَطَفَت تلك اللُّغَات ـ كاللُّغَةِ : الفارسيَّةِ ، والأُرْدِيَّةِ ، والهنديَّةِ ، وسائر اللُّغَات الأُوربيَّة كاللُّغَةِ الفرنسيَّةِ والإِنكليزيَّةِ ـ كثيراً من إِنْجَازَات اللُّغَة العربيَّة ـ كعلوم : البلاغة ، والبيان ، والنحو ، والصَّرف ، والاِشتقاق ـ ؛ كيما تُقَوِّي وَتُرَصِّن نفسها عن التَّرَهُّل ، فاللُّغَة الفارسيَّة ـ مثلاً ـ اِقْتَبَسَت علوم : البلاغة والبيان واللُّغَة وما شاكلها بتمامها من علوم اللُّغَة العربيَّة ، بل علوم البلاغة لدىٰ كافَّة اللُّغَات مسروقة من اللُّغَةِ العربيَّةِ . ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : / نُكْتَة تسمية اللُّغَة العربيَّة بذلك / سُمِّيت اللُّغة العربية بذلك لأَنَّ فيها اِظهار واعراب وبيان واِفصاح عمَّا تقتضيه الفطرة ، الُمشار إِليها في بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله عزَّ من قائل : [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ](1). 2ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... فبعث فيهم رسله ، وواتر إِليهم أَنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فِطرته ، ويذَكِّروهم منسيَّ نِعمته ، ويحتجُّوا عليهم بالتَّبليغ ، ويُثيرُوا لهم دفائن العقول ، ويُروهم آيات المقدِرَة ... »(2). والفطرة عبارة عن ولاية اللّٰـه تعالىٰ ، وولاية سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، وولاية سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وهذا هو دين اللّٰـه القويم . فلاحظ : بيانات الوحي المعرفيَّة ، منها : بيان تفسير الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « في قول اللّٰـه عَزَّ وَجَلَّ : [فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا](3)، قال: التَّوحيد ، ومُحمَّد رسول اللّٰـه ، وعَلِيٌّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ »(4). ومنه يتَّضح : عنوان ولفظ (العربي) ؛ فإِنَّ معناه : المؤمن ، وهو عنوان شامل لصاحب القوميَّة العربيَّة وغيره من الأَعاجم ؛ فبمقتضيات فِطْرَته يعرب ويُفصِح عن إِيمانه باللّٰـه وبرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، و بأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وإلى هذا المعنىٰ تُشير بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... إِنَّ العرب لا تبغض عليّاً عليه السلام ... » (5). أَي : أَنَّ المطابق إِيمَانه للفِطْرَة ، وهو مَن آمَنَ بالله وبرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وبسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لا يبغض أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وكذا يتَّضح : عنوان ولفظ (الأَعجمي) ؛ فإِنَّ معناه : الضَّال ، ومنكوس لفِطْرَة . / طبيعة اللُّغة العربيَّة ونُكْتَة اِخْتِيَارها لنزول القرآن بلسانها / وَمِنْ كُل ّهذا تتَّضح : نُكْتَة نزول القرآن الكريم باللُّغة العربيَّة ؛ فإِنَّها مُنفتحة بطبيعتها على معانٍ مُتعدِّدة ، وفيها بيان وإِحْكَام لم يُوجد في لغةٍ أُخرىٰ قَطُّ ، توصل إِلى حقائق غير متناهية . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)الروم: 30. (2) نهج البلاغة، الخطبة الأُولىٰ: 45ـ 46. (3) الروم: 30. (4) بحار الأَنوار، 3: 278/ح9. (5) بحار الأَنوار، 8: 22/ح16. ثواب الأَعمال: 202