الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الالهية ، من الدرس (401 ـ 600 ) المقصد الاول / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (483) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (483) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

16/05/2025


الدَّرْسُ (483) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (127) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « الْفَارِقُ بين اِسْتِعْمَالَات فقه الشريعة وفقه الدِّين » ؛ فإِنَّ اِسْتِعْمَالَات الوحي الواردة في أَبواب الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة ليست على نسق اِسْتِعْمَالَاته في أَبواب الفروع ؛ لأَنَّ معاني الأَوَّل كمعارفه لا تختصُّ بالنشأة الأَرضيَّة ، بل شاملة لمطلق العوالم والنَّشَآت . بخلاف الثاني ؛ فإِنَّه غالباً ما يختصُّ بهذه النَّشْأة . وهذا يرسم فارقاً مُهمّاً في الاِسْتِعْمَالَات اللُّغويَّة الواردة في بيانات الوحي بين فقه الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة وفقه الفروع . وهذا مؤيِّد ومُؤكِّدة لصحَّة القاعدة اللُّغويَّة المختارة : (خذ الغايات واترك المبادئ) ؛ لأنَّ أَبواب الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة ـ كهذه القاعدة ـ شاملة لـمطلق العوالم سواء كانت قبل هذه النشأة ـ كعَالَمِ : الذَّرّ والْمِيثَاق ، وعَالَمِ الأَظلَّة (1) وعَالَمِ الأشباح (2)، وعَالَمِ الأَصلاب، والأَرحام ـ أَم في هذه النَّشْأَة أَم بعدها ـ كعَالَمِ : البرزخ (3) ، وعَالَمِ الرَّجعة، وعَالَمِ القيامة، وعَالَمِ الآخرة الأَبديَّة ، وبعدها . ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وعليه : لا بُدَّ من اِختلاف ضوابط الاِسْتِعْمَالَات والظُّهورات في أَبواب الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة عن ضوابطهما في أَبواب الفروع ؛ وذلك بحكم اِختلاف موضوع البحث . لكن : هناك رهط من الأُمَّة ، ضرب الله بينهم وبين الحقِّ بسورٍ ظاهره الرَّحمة وباطنه العذاب ، لم يراعوا هذه الضابطة ؛ فوقعوا بين إفراط وتفريط . فمنهم مَنْ لم يُحَكِّم هذه القاعدة في أَبواب الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة ، ومن ثَمَّ وسَّعَ حُكم الماديَّات والنَّشْأَة الأَرضيَّة إِلى العَالَم الربوبي وعَالَم النُّور والملائكة . ومنهم ـ كبعض العرفاء والصوفيَّة وأَصحاب الفرق الباطنيَّة ـ حَكَّمَ العكس في فقه الفروع ، وقال : إِنَّه ناظر حصراً إِلى الباطن والنَّشْأَة الخفيَّة والغيبيَّة ، وليس بناظر إِلى المصاديق والنَّشْأَة الماديَّة . مثاله : ماهيَّة الصَّلاة وحقيقتها ؛ فإِنَّها ليست ما هو معهود من أَجزاء وشرائط ، بل غايتها ، وهي : ذكر الله سبحانه وتعالى . وماهيَّة الصُّوم وحقيقته ؛ فإِنَّها ليست ما هو معهود ، وإِنَّما : الإِعراض عمَّا عدا الله عَزَّ وَجَلَّ ؛ وإِن اِرْتَكَبَ الصائم المفطِّرات المعهودة . وماهيَّة الحَجِّ وحقيقته ؛ فإِنَّها ليست ما هو معهود ، وإِنَّما : التوجُّه إِلى كعبة القلوب : (الذَّات المقدَّسة) وإِنْ لَمْ تُقصد الديار المُقدَّسة ؛ ولم يُؤتَ بأفعال الحجِّ خارجاً . وإِنَّ قوله تعالىٰ : [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ](4) دليل على ذلك ؛ وأَنَّ غاية العبادة : ( اليقين )، فإذا حصل اِنتفت الغاية ، فلا عبادة . وهي كما ترى تخطب على نفسها ؛ بأَنَّ أَصحابها عملوا بالشُّبهات ، وساروا في الشَّهوات ، فخالفوا ما أَنجبته بيانات الوحي الشريف ، وطاهر كلماته ، منها : 1ـ بيان الإمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن الهيثم التميميّ ، قال : « قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : يا هيثم التميميّ ، إِنَّ قوماً آمنوا بالظَّاهر وكفروا بالباطن فلم ينفعهم شيء ، وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظَّاهر فلم ينفعهم ذلك شيئاً ، ولا إِيمان بظاهر إِلَّا بباطن ، ولا بباطن إِلَّا بظاهر »(5) . ـ .... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يَجْدُرُ الْاِلْتِفَات في المقام إِلى القضايا التَّالية : القضيَّة الأُوْلَىٰ : / حقيقة جسم (عَالَم الأَظلَّة) / إِنَّ جسم (عَالَم الأَظلَّة) : جسم ظلِّـيٌّ للجسم الدُّنيوي الأَرضي الغليظ وعلى مثاله ، وهو جسم نورانيٌّ أَعظم قوَّة وقدرة ونورانيَّة من الجسم البرزخي فضلاً عن الجسم الدُّنيوي الأَرضي الغليظ . القضيَّة الثَّانية : / (عَالَم الأَظلَّة) من العوالم الروحانيَّة / إِنَّ (عَالَم الأَظلَّة) ـ والَّذي وردت فيه بيانات وحیانيَّة متواترة ـ : عَالَمٌ روحيٌّ ، خلافاً لِـمَا ذهبت إِليه الفرق الباطنيَّة المُنحرفة والإِسماعيليَّة وبعض الصُّوفيَّة . القضيَّة الثَّالثة: / (عَالَم الأَظلَّة) يتحكَّم في الأَرواح / إِنَّ (عَالَم الأَظلَّة) دون العرش ، وهو العَالَم الَّذي يتحكَّم في أَرواح الشَّخص الواحد . (2) إِنَّ (عَالَم الأَشباح) من العوالم الروحانيَّة ، وهو فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة ودون العرش ، بل ودون عَالَم الأَظلَّة . (3) يُعبّر ـ في أَبواب المعارف ـ عن الجسم البرزخي بـ : (الجسم المثالي) . (4) الحجرات : 99 . (5) بصائر الدرجات ، 2 : 518/ح1896 ــ 5