الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الالهية ، من الدرس (401 ـ 600 ) المقصد الاول / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (506) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (506) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

08/06/2025


الدَّرْسُ (506) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (141) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « مُميِّزَات قوالب بيانات الوحي » ؛ فإِنَّ لقوالب بيانات الوحي مُـمَيِّزات ، منها : الأَوَّل : أَنَّها مرآة مهولة ، لا تنفد معانيها وحقائقها ، ولا تنتهي ولا تتناهىٰ عند حدٍّ أَزلاً وأَبداً . الثَّاني : أَنَّها تعصم شيئاً فشيئاً مَنْ يتمسَّك بها من الزَّيغ والزَّلل والِانحراف . الثَّالث : أَنَّها لا تدع لِمَنْ يتمسَّك بها ثغرةً ومجالاً للنقض عليه ، ويكون في حِصْنٍ حَصِين من تشكيك المُشَكِّكين ؛ وسهام المغرضين والمُعترضين . ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وهذا هو المراد من معنىٰ : (التَّعَبُّديَّة) و(التَّوقيتيَّة) و(التَّوقيفيَّة) في أَبْوَابِ مَعَارِفِ الوحي ؛ فما يُقال من أَنَّ الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة(1) ، وَأَسماء سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَصِفَاتهم وَهَلُمَّ جَرّاً أُمورٌ تَعَبُّديَّة تَوقيتيَّة تَوقيفيَّة هي بهذا المعنىٰ . وليس معناه ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يَنْبَغِي الْاِلْتِفَات في المقام إِلى الْأُمُورِ التَّالية : الْأُمُرُ الأَوَّل : / خطورة بحث الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة/ إِنَّ بحث الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة بحث حسَّاس جِدّاً ، وله بالغ الثمرة والتَّأثير في أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ والعقائد الْإِلَهِيَّة . الْأُمُرُ الثَّاني : / حقيقة مُطلق الأَسماء والصِّفَات الْإِلَهِيَّة مخلوقات إِلَهِيَّة مُكَرَّمة / إِنَّ حقائق جملة الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة ليست كما يتبادر في الِاستعمالات العرفيَّة أَنَّها : عبارة عن أَصوات ملفوظة ومنطوقة ومنقوشة ، وإِنَّما هي أَوائل المخلوقات الْإِلَهِيَّة الْمُكَرَّمَة الَّتي اِنعكس وتجلَّىٰ فيها كمال الذَّات الْإِلَهِيَّة المُقدَّسة ؛ واِنعكست وتجلَّت فيها قُوَّته (تعالىٰ ذكره) وعظمته وقدرته وهيمنته وسائر صفاته وشؤونه ؛ فكانت آيات إِلٰهيَّة عظيمة ومهولة وخطيرة جِدّاً ، ولِشِدَّة كمالها ـ الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة ـ اِنْطَمَسَت إِنِّيَّتها الخلقيَّة ، وتمحَّضَت في حكاية كمال الذَّات المقدَّسة ، وحكاية قوَّته (جلَّت آلاؤه) وعظمته وقدرته وهيمنته وسائر صفاته وشؤونه . وهذا ما يُشير إِليه بيان القاعدة المعرفيَّة المُطَّردة في أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّة ، وهي : « أَنَّ المخلوقات الْإِلَهِيَّة الأُولىٰ لقربها من الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزَليَّة المقدَّسة تتجلَّىٰ فيها العظمة الْإِلَهِيَّة أَكثر من سائر المخلوقات » ، ومن ثَمَّ تأخذ بالتَّبع ـ وكوجود ظلِّي وثانياً وبالعرض ـ جملة أَحكام وأَسماء وصفات وشؤون الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً . وبالجملة : أَنَّ مُطلق الأَسماء والصَّفَات الْإِلَهِيَّة ـ فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة ـ مخلوقات إِلَهِيَّة ، لكن : ليس لها لون خلقي وحدوث مخلوقات ، وإِنَّما حدوث في الحُجُب والسَّدنة الرُّبُوبيَّة ؛ فإِنَّ الواحد غير القادر ، وهما غير الأَوَّل ، وهم غير الآخِرِ ، وهلمَّ جرّاً ، وهذه المُغايرة كاشفة عن وجود حدود خفيَّة ؛ وتناهي خفيّ مُنَزَّه عنه الباري ـ المُسَمَّىٰ ـ تقدَّس ذكره. وللتَّوضيح أَكثر نقول : إِنَّ حقيقة الأَسماء والصِّفات الإِلٰهيَّة والقرآن الكريم وسائر المعارف الإِلٰهيَّة لا تكمن بوجوداتها الِاعتباريَّة ـ سوآء كانت صوتيَّة أَم كَتْبِيَّة ـ ولا بالمعاني الذهنيَّة ، بل ولا ببحور المعاني ، وهذه وإِنْ كانت لها قدسيَّة وشعشعانيَّة ونورانيَّة عظيمة جِدّاً، وآثار طلسميَّة عجيبة وغربية وردت في بيانات الوحي الشَّريف ، لكن حقيقة هذه الموجودات الشَّريفة تكمن في وجوداتها وواقعيَّاتها الصَّاعدة ، والَّتي تُهيمن علىٰ ما تحتها وتتصرَّف فيه تصرُّف اللَّطيف في الأَغلظ . إِذَنْ : للأَسماء والصِّفات الإِلٰهيَّة ـ فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة ـ وما شاكلها من الحقائق والمعارف الإِلٰهيَّة واقعيَّات تكوينيَّة ملكوتيَّة في عوالم شريفة صاعدة ، مهولة جِدّاً، مُهَيْمِنَة علىٰ ما دونها وتتصَّرف فيها تصرُّف اللَّطيف في الأَغلظ. وعليه : فينبغي للمخلوق أَنْ لا يُسْكِر عقله بوجوداتها الِاعتباريَّة الشَّريفة ، وإِنَّما يمدّ نظره وينشب أَظفاره بتلك المخلوقات المهولة الصَّاعدة . ومن أَراد الاِطِّلاع علىٰ معارف الأَسماء الْإِلَهِيَّة ومعانيها وحقائقها فليراجع بيانات الوحي الوافرة ، منها : سورة الرعد ، ودعاء ليلة عرفة ، ودعاء السمات . بعد الِالتفات : أَنَّ معارف عَالَم الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة من أَعقد المعارف الَّتي تعرَّضَت لها بيانات الوحي . الْأُمُرُ الثَّالث : / اِستعمالات الأَسماء والصِّفَات الْإِلَهِيَّة تارة علىٰ نحو الطريقيَّة وَأُخرىٰ علىٰ نحو الموضوعيَّة / إِنَّ الأَسماء الْإِلَهِيَّة تارة تُطلق ويُراد بها المُسَمَّىٰ تقدَّست أَسماؤه وعظمت آلاؤه ؛ صاحب الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزَليَّة المُقدَّسة ، وهذا هو المُنسبق من اِستعمالاتها . وأُخرىٰ تُطلق ویُراد بها نفس الأَسماء الْإِلَهِيَّة . والاِستعمال الأَوَّل آلي، والثَّاني موضوعي؛ لكن الآلية والموضوعيَّة لا تكمن في الأَلفاظ ولا في المعاني، وإِنَّما في ما وراء المعاني من واقع الأَسماء ووجوداتها وحقائقها ؛ فإِنَّه تارة يُنظر إِليها كآيات وعلامات للذَّات الْإِلَهِيَّة ، وأُخرىٰ يُنظر إِليها بما هي هي . وإِرادة الْمُسْتَعْمِل للنَّحو الأَوَّل وتميِّزها عن إِرادته للنَّحو الثَّاني في السُّوَرِ والآيات القرآنيَّة وبيانات أَهل البيت عليهم السلام ، وما تُذكر من شؤون وصفات للأَسماء الْإِلَهِيَّة أَمر بالغ الأَهميَّة والثمرة والخطورة . وتمييز أَحد الِاستعمالين يعتمد علىٰ القرائن الحاليَّة والمقاليَّة . إِذَنْ : إِطلاقات الأَسماء الْإِلَهِيَّة الواردة في بيانات الوحي، تارة يُراد منها نفس الأَسماء الْإِلَهِيَّة ـ وهي مـخلوقات شريفة ومهولة وعظيمـة ، في عوالـم كريمة صاعدة ـ، وأُخرىٰ يُراد منها مُسمَّاها ؛ صاحب الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزَليَّة المُقدَّسة، وهو (تقدَّس ذكره) ورائها وفوقها، ومُهَيْمَن عليها، وغنيّ عنها، ومُـمِدُّها، وهي مفتقرة ومحتاجة إِليه كحال سائر المخلوقات من هذه الجهة ، بل أَشَدُّ . ونُكْتَة هذا التَّنبيه ؛ كيما لا يحصل خلط في مباحث المعارف والعلوم الْإِلَهِيَّة. فانظر : بيانات الوحي المشيرة إِلى النَّحو الأَوَّل ، منها : 1ـ بیان قوله تعالىٰ : [اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ] [النور: 35]. 2ـ بیان قوله جلَّ ذكره : [وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا] [الفجر: 22]. 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : « مَنْ صام أَوَّل يوم من شعبان وجبت له الجنَّة البَتَّة ... ومن صام ثلاثة أَيَّام زاره الله في عرشه من جنَّته في كُلِّ يوم ». [من لا يحضره الفقيه، 2: 92/ح1824]. وقـد أَوَّلَت بيانات الوحي الأُخرىٰ فقرة : « زاره اللّٰـه في عرشه » بـ : (زاره سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله)؛ فإِنَّ طبقات حقيقته صلى الله عليه واله الصَّاعدة ـ كطبقات حقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - هي : أَوَائِلُ الصوادر ، والتَّجلِّيات والظهورات الأَعظم ، والصِّفات والأَسماء الْإِلَهِيَّة الحسنىٰ ، فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة . ولاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ المُشيرة إِلى النَّحو الثَّاني ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله عزَّ قوله : [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] [الروم: 30]. ثانياً : بيان قوله عزَّ من قائل : [فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيل] [فاطر: 43]. ثالثاً : بيان قوله جلَّ قوله : [لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا] [الأَنبياء: 22]. رابعاً : بيان قوله جلَّ اسمه : [يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ] [فاطر: 15]. ودلالة الجميع واضحة . الْأُمُرُ الرَّابع : / الدور المعرفي للأَسماء والصِّفَات الْإِلَهِيَّة نفي التَّعطيل والتَّشبيه / إِنَّ دور الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة في المعرفة الْإِلَهِيَّة : نفي التَّعطيل في معرفة الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، ونفي التَّشبيه . الْأُمُرُ الخامس : / عدم معرفة المخلوق للأَسماء والصِّفَات الْإِلَهِيَّة توقعه بانزلاقات عقائديَّة خطيرة / إِنَّ كثير من التَّوهُّمات والتَّساؤلات والإِشكالات والتَّخرُّصات الَّتي يُثيرها المخلوق علىٰ ساحة القدس الْإِلَهِيَّة ناشئة من عدم معرفته بباب الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة ، فإِنَّه باب مُهِمٌّ جِدّاً في توطيد صِلَة وعلاقة المخلوق بخالقه تقدَّس ذكره. مثال ذلك : (اليهود) ؛ فإِنَّ لديهم اِعتقاد بالله تعالىٰ ، لكن لَـمَّا لم تكن لديهم معرفة بالأَسماء والصِّفَات الْإِلَهِيَّة أَرتطموا بمحاذير معرفيَّة وعقائديَّة خطيرة جِدّاً ، منها : نسبة البخل إِلى الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزَليَّة المُقدَّسة . فانظر : بيان قوله تقدَّست أَسماؤه : [وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ] [المائدة: 64]. الْأُمُرُ السَّادس : / ترابط وثيق بين الأَسماء الْإِلَهِيَّة والتَّوجُّه بها إِلى السَّاحة الْإِلَهِيَّة / / التَّوجُّه إِلى أَهْل الْبَيْتِ عليهم السلام أَخطر الِاختبارات الكاشفة عن مدىٰ بصيرة المخلوق / هناك صِلَة وثيقة بين الأَسماء الإِلٰهيَّة ـ حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ والتَّوسُّل والتَّوجُّه بها إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بیان قوله تعالیٰ : [وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] [الأَعراف: 180]. 2ـ بيان الإِمام الرضا منظمّاً إِليه بيان الإِمام الصَّادق عليهما السلام ، قال : « ... إِذا نزلت بكم شِدَّة فاستعينوا بنا علىٰ الله ، وهو قول الله : [وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا] . قال : قال أَبو عبدالله عليه السلام : نحن والله الَأسماء الحسنىٰ الَّذي لا يُقبل من أَحدٍ إِلَّا بمعرفتنا ، قال : [فَادْعُوهُ بِهَا] ». بحار الأَنوار، 91: 5ـ 6/ح7. تفسير العياشي، 2: 42. ومنه يتَّضح : أَنَّ التَّوجُّه والِالتجاء إِلى سيِّد الأَنبياء وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ من أَعظم وَأَهم الِامتحانات والِاختبارات علىٰ مدىٰ الأَزمان والدُّهور ؛ الكاشفة عن مدىٰ معرفة وبصيرة المخلوق . الْأُمُرُ السَّابع : / تَنَزُّه الذَّات المُقَدَّسة عن مطلق المخلوقات / / كمال جملة الصِّفات الْإِلَهِيَّة من الذَّات المُقَدَّسة / إِنَّ الباري ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة مُنَزَّه عن جملة مخلوقاته ، منها : الأَسماء والصِّفات الإِلٰهيَّة ؛ فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة . ولا يُقال : إِنَّ كمال الذَّات الْإِلَهِيَّة الُمقدَّسة بالصِّفات . فإِنَّه يُقال : الحق : أَنَّ كمال مطلق الصِّفات الْإِلَهِيَّة مُنبثق ومُتجلِّي من الذَّات المُقدَّسة ، لا العكس . ومنه يتَّضح : أَنَّه لا يُمكن لمُطلق الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة اِكتناه الذَّات المُقدَّسة. الْأُمُرُ الثَّامن : / خطورة البحث في أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ والعقائد الْإِلَهِيَّة / إِنَّ البحث في أُلوهيَّة الْإِلَه (جلَّ وتقدَّس)، وفي التَّوحيد وسائر أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ والعقائد الْإِلَهِيَّة ليس دغدغة عواطف ، بل بناء كرامة وبناء عُلُوّ المخلوق ؛ وبرامج لنُبْلِ وكرامة الإِنسانيَّة في المجتمع في هذا الكوكب الأَرضي ؛ وبناء خارطة عقائد ومعارف وخارطة مسار إِنساني لا تحدُّها الأَرضين والسَّماوات السَّبع ، بل لا تحدُّها مُطلق العوالم غير المتناهية ، وباقية لآبادٍ وآزالٍ . إِذَنْ : الِاعتقاد بالتَّوحيد ليس ترنيم عواطفي ، وإِنَّما خارطة طريق تنعكس علىٰ كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في هذه الدُّنيا الدَّنِيَّة حتَّىٰ علىٰ مَنْ جعل الجنس صنماً له ـ مثلاً ـ ، فضلاً عمَّن رفع هِمَّته إِلى عوالم أُخرىٰ ، وحياة كريمة ونجيبة وشريفة ونبيلة ، وعُلُوّ مقامات في هذا العَالَم وفي سائر عوالم الخلقة غير المتناهية . وبالجملة : المعارف الْإِلَهِيَّة والِاعتقاد بالتَّوحيد ليس شيئاً تجريديّاً أَو عاطفيّاً ، وإِنَّما حقيقة مسار يُكَوِّن جملة مسارات المخلوقات ، وتنعكس علىٰ حياتها : (السياسيَّة)، و(الِاجتماعيَّة)، و(الأَمنيَّة)، و(العسكريَّة)، وهلمَّ جرّاً، وتنعكس أَيضاً علىٰ سلوكها ، ومن ثَمَّ تُجعل الدولة دينيَّة والمسار ديني ، والدِّين هو الحياة الكريمة في كَافَّة الاتجاهات ، ويَجعل مَنْ سار علىٰ صراطه كريماً نجيباً ، ومعرفته ترفع همَّة المخلوق وتعلو بتفكيره . والمعصوم عليه السلام هو المُجسِّم للكمال . ثُمَّ إِنَّ مَنْ يُطَلِّق الدين يتبنَّىٰ أَيّ مرام وكُلّ حرامٍ ، ويكون شعاره الْاِسْتِبَاحَة والْإِبَاحِيَّة في جملة الأَشياء ، ويصير وحشاً كاسراً ، وبَهِيْمِيّ الشَّهوة والنَّزْوَة . الْأُمُرُ التَّاسع : / تنزُّه الذَات المُقدَّسة عن جملة من شؤون الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة / / لكُلِّ اسم إِلٰهي مداولة وتغيُّر وتبدُّل خاصّ به / / الأَسماء الإِلٰهيَّة لا تتَّسع بوسع الذَّات المُقدَّسة / إِنَّ ما ورد في دعاء الافتتاح : « ... وأَيقنتُ أَنَّكَ أَرحم الرَّاحمين في موضع العفو والرَّحمة ، وَأَشَدُّ المُعَاقبين في موضع النَّكَال والنَّقِمَة ، وَأَعظم المتجبِّرين في موضع الكبرياء والعظمة ... » [بحار الأَنوار، 94: 337] برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ علىٰ أَنَّ للأَسماء الْإِلَهِيَّة شؤون ومواطن لا يمكن للّٰـه المُسمَّىٰ؛ صاحب الذَّات الْإِلَهِيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة الِاتِّصاف بها ؛ فإِنَّ الأَسماء الْإِلَهِيَّة بهذه الشؤون والمواطن تكون محدودة ومتناهية بالقياس إِلى الذَّات الإِلٰهيَّة المُقَدَّسة. ودالٌّ أَيضاً : أَنَّ الباري ـ المُسمَّىٰ ـ (جَلَّ ثناؤه) إِذا أَراد رحمة مخلوق فَلَا يتجلَّىٰ له بالكبرياء والعظمة ، بل بالعفو والرَّحمة ، وإِذا أَراد معاقبة مخلوق فلا يتجلَّىٰ له بالعفو والرَّحمة ، وإِنَّما بالنَّكال والنَّقِمَة ، وعلىٰ هذا قس سائر الأَسماء والصفات الْإِلَهِيَّة بالقياس إِلى ما يُناسبها وما لا يُناسبها من شؤون وَمَوَاطِن . وعبَّرَ أَهل المعرفة عن هذا التَّجَلِّي والظهور بـ : « دولة الأَسماء »، وكأَنَّما لكُلِّ اسمٍ إِلٰهيّ دولة ؛ بمعنىٰ : مداولة وتغيُّر وتبدُّل . وهذا التَّغيُّر دليلٌ علىٰ فقر وحاجة الأَسماء الْإِلَهِيَّة للذَّات الُمقدَّسة . ودليلٌ أَيضاً علىٰ أَنَّ الاسم الإِلٰهيّ ـ كـ : اسم (الله) ـ لا يتَّسع بوسع الذَّات الْإِلَهِيَّة المُقدَّسة الثَّابتة بقول مُطلق ، وهذا هو معنىٰ : عُلُوّ قاهريَّة الباري ـ المُسمَّىٰ ـ صاحب الذَّات الْإِلَهِيَّة المقدَّسة ؛ وحاكميَّته علىٰ كافَّة عوالم الخلقة وجملة مخلوقاتها ، منها : الأَسماء والصِّفات الْإِلَهِيَّة ، فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة