مَعَارِف إِلْهِيَّة : (508) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
10/06/2025
الدَّرْسُ (508) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (142)/ / تَعَدُّدُ قَوَالِبُ أَلْفَاظُ المعنى الواحد / إِنَّ للمعنىٰ الواحد قوالبَ أَلْفَاظٍ ، لها قابليَّة الإِشارة إِلى معانٍ أُخرىٰ فوق ووراء المعنىٰ الظَّاهر ، ولها أَيضاً قابليَّة الإِشارة إِلى التَّرابط بين الطَّبقة الأُوْلىٰ للمعنىٰ وسائر الطَّبقات . وخذ على ذلك المثال التَّالي : بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ ، وَكَمَالُ التَّصدِيق بِهِ تَوْحِيدُهُ ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإِخْلَاصُ لَهُ ، وَكَمَالُ الإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيْرُ الْـمَوْصَوْفِ ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ ، فَمَنْ وَصَفَ اللَّـهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ ، وَمَنْ قَرَنَه فَقَدْ ثَنَّاهُ ، وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ ، وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ ، وَمَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ ... »(1) فإِنَّهُ برهانٌ وحيانيٌّ كاشف عن معادلات ومحاور وطبقات خمس ، أَشارت إِليها بيانات الوحي الأُخرى بقوالب وألفاظ مُتعدِّدَة ، منها : 1ـ بيان الإِمام الرِّضا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... أَوَّل عبادة الله معرفته ، وأَصل معرفة الله توحيده ، ونظام توحيد الله نفي الصِّفَات عنهُ لشهادة العقول أَنَّ كُلَّ صفةٍ وموصوفٍ مخلوق ، وشهادة كلّ مخلوقٍ أَنَّ لَهُ خالقاً ليس بصفةٍ ولا موصوفٍ ، وشهادة كلِّ صفةٍ وموصوفٍ بالِاقتران ، وشهادة الاِقتران بالحدث ، وشهادة الحدث بالاِمتناع من الأَزل الممتنع من الحدث ، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته ، ولا إِيّاه وحَّد من اكتنهه ، ولا حقيقته أَصَاب من مثَّله ، ولا بِهِ صَدَّق مَنْ نَهَّاه ، ولا صَمَدَ صَمَدَه مَنْ أَشَار إِليه ، ولا إِيَّاه عني من شَبَّهه ، ولا لَهُ تذلّل من بعَّضَه ، ولا إِيّاه أَراد من تَوهَّمَه ، كلّ معروفٍ بنفسه مصنوع ، وكلّ قائم في سواه معلول ...»(2). 2ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... وبالعقول يعتقد التَّصْديق باللَّـهِ ، وبالإِقرار يكمل الإِيمان بِهِ ، ولا ديانة إِلَّا بعد المعرفة ، ولا معرفة إِلَّا بالإِخلاص ، ولا إِخلاص مع التشبيه ، ولا نفي مع إِثبات الصِّفَات للتشبيه ، فكلّ ما في الْـخَلق لا يوجد في خالقه ، وكلّ ما يمكن فيه يمتنع من صانعه... »(3). ثُمَّ إِنَّ الباحث في أَبْوَاب الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة قد لا يلتفت لتلك الوحدة الرَّابطة بين معاني طوائف أَلفاظ بيانات الوحي المُتعدِّدة ؛ إِذ ليس من المُتيسِّر لكلِّ باحثٍ القدرة على ربط طبقات المعاني بعضها بالآخر ، مع أَنَّ الرَّبط بين المعاني وطبقاتها ضرورة مُلِحَّة في أَبْوَاب الْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة أَكثر من غيرها. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة: 41/خ1. (2) التوحيد: 36/ح2. (3) التوحيد: 46