معارف ألهية(28)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
12/02/2024
الدرس : (28) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اتضحت ؛ فان جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، وهذا ما اشار اليه بيان القاعدة المعرفية المتقدمة : (أَنَّ مَنْ وصف شيئاً بكُنْه كان أَعظم من الموصوف) ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : / الإِماتة وسائر الأَفعال الإِلهيَّة على طبقات/ وَمِنْ كُلِّ ما تقدَّم يتَّضح : أَنَّ الإِماتة على مراتب وطبقات ودرجات من حيث الغلظة واللطافة. أَحدها : ما يقوم به جنود عزرائيل عليهم السلام . ثانيها : أَلطف وأشف ، وهو : ما يقوم به عزرائيل عليه السلام . ثالثها : أَلطف وأَشف مِمَّا يقوم به عزرائيل عليه السلام ، وهو: ما يقوم به الاسم الإِلٰهي (المميت) ، وهو : أَحد طبقات حقيقة أَمير المؤمنين وحقائق سائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة في مرتبة الأَسمآء والصفات الإِلٰهيَّة. وهذا ما تُشير إِليه بياناتهم صلوات اللَّـه عليهم ، منها : ما تقدَّم ، ويضاف إِليها : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً ، مُخاطباً الحارث الهمداني : «يا حار همدان ، من يمت يرني ، من مؤمن أَو منافق قبلاً»(1). وبيانه صلوات اللَّـه عليه أَيضاً ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : «قلت لأَبي جعفر عليه السلام : حدَّثني صالح بن ميثم ، عن عباية الأَسدي أَنَّه سمع عليّاً عليه السلام يقول : واللَّـه، لا يبغضني عبد أَبداً يموت على بغضي إِلَّا رآني عند موته حيث يكره ، ولا يحبّني عبداً أَبداً فيموت على حبِّي إِلَّا رآني عند موته حيث يحب. فقال أَبو جعفر عليه السلام : نعم، ورسول اللَّـه صلى الله عليه واله باليمين»(2). رابعها : وهو الأَلطف والأَشدُّ على الإِطلاق والمهيمنة على جميع ذلك ما يقوم به : (الـمُميت) ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة. وعلى هذا قس الإِحياء وسائر الأَفعال والصفات والأَسماء والشؤون(3). فأَين الغلوّ في المقام. /نكتة عدم استيعاب عقول المخلوقات لشؤون أَهل البيت عليهم السلام/ نعم ، لَـمَّا كانت هذه المعارف الإِلٰهيَّة بكراً لم تُفتق من قبل قطُّ بهذا الشَّكل والبيان ، ولم يُنبس بها ببنت شفة مع أَنَّ بيانات الوحي ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 6 : 181. (2) المصدر نفسه، 39 : 238/ح25. فروع الكافي ، 3 : 132ـ133. (3) هناك خلط حصل لدىٰ البعض بين الفاعل بالآلة ـ كحال عزرائيل وإسرافيل وجندهما عليهم السلام ـ ، والفاعل بالتَّجلِّي ـ كحال الباري المُسَمَّىٰ (تعالىٰ ذكره) ، والأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة ؛ طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ـ وحكم بالوحدة. والحقُّ : أَنَّ بينهما فرق وبون شاسع ؛ فإِنَّ الفاعل بالآلة ناقص ؛ لإِحتياجه إِلى حركة ، وقرب وبُعد ، ومُوازاة ، ومباشرة ومعالجة. بخلاف الفاعل بالتَّجلِّي ؛ فإِنَّه أَكمل أَنواع الفاعل ، ولا نقص فيه ؛ ومن ثَمَّ لا يحتاج إِلى جملة ذلك. وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصادق عليه السلام في ردِّه على سؤال الزنديق : «... فما هو ؟ قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : هو الرَّبُّ ، وهو المَعْبُود ، وهو اللَّـهُ ... قال السَّائلُ : فيُعاني الأَشياء بنفسه ؟ قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : هو أَجَّلُّ من أَنْ يُعَانِيَ الأَشياء بمباشرةٍ ومعالجةٍ ؛ لأَنَّ ذلك صِفَةُ المخلوق الَّذي لا تجِيءُ الأَشياءُ له إِلَّا بالمباشرةِ والمعالجةِ ، وهو مُتعَالٍ نافِذُ الإِرادة والمشِيئَة ، فَعَّالٌ لِـمَا يَشاءُ». أُصول الكافي ، 1: 59ـ 61/ح6. ودلالته واضحة