معارف ألهية(30)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
14/02/2024
الدرس : (30) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ومر الكلام في العنوان التالي : « خلوّ المقام وهذه الأَبحاث من شائبة الغلو » و«لا شائبة ولا شبهة غلو في مقامات ُأَهل البيت عليهم السلام » ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : /حيلولة أَهل البيت عليهم السلام مِنْ نشر علومهم عند مَنْ لا يتحمَّلها/ ولأَجل الحيلولة من وقوع المخلوقات وفي جملة العوالم ؛ في هذه المحاذير المعرفيَّة العقائديَّة الجسيمة الخطيرة الفادحة ، القاصمة للظهر ، بل لا تبقي ولا تذر منع أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم نشر علومهم عند مَنْ لا يتحمَّلها ، بل سيرتهم قائمة على ذلك. فانظر : بيناتهم صلوات اللَّـه عليهم ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام في وصيَّته لكميل بن زياد : «... يا كميل ، كُلّ مصدور ينفث ، فمن نفث إِليكَ مِنَّا بأمرٍ أَمركَ بستره فإِيَّاك أَنْ تبديه ، فليس لَكَ من إِبدائه توبة ، فإِذا لم تكن توبة فالمصير إِلى لظىٰ. يا كميل ، إذاعة سرّ آل مُـحمَّد عليهم السلام لا يقبل اللَّـه تعالىٰ منها ولا يحتمل أحداً عليها. يا كميل ، وما قالوه لكَ مطلقاً فلا تُعَلِّمه إِلَّا مؤمناً موفَّقاً ...»(1). 2ـ بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «... فأنتم الآن العارفون الفائزون المستبصرون ، وأَنتم الكاملون البالغون ، اللَّـه اللَّـه لا تطّلعوا أَحداً من المقصِّرين المستضعفين على ما رأيتم مِنِّي ومن مُـحمَّد فيشنِّعوا عليكم ويُكذِّبوكم ...»(2). 3ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «... ما سترنا عنكم أَكثر مِمَّا أَظهرنا لكم ...»(3). 4ـ إِطلاق بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنِّي لأُحدِّث الرَّجُل الحديث فينطلق فيُحدِّث به عنِّي كما سمعه ، فأستحلُّ به لعنه والبراءة منه»(4). 5ـ إِطلاق بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن داود بن كثير ، قال : «قال لي أَبو عبداللَّـه عليه السلام : يا داود ، إِذا حدَّثتَ عنَّا بالحديث فاشتهرت به فأنكره» (5). 6ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن أَبي سعيد المدائني ، قال : «قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : اقرأ موالينا السَّلام ، وأَعلمهم : أَنْ يجعلوا حديثنا في حصون حصينة ، وصدور فقيهة ، وأَحلام رزينة ، والَّذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة ما الشَّاتم لنا عرضاً والنَّاصب لنا حرباً أَشدُّ مؤونة من المذيع علينا حديثنا عند مَنْ لا يحتمله»(6). ودلالة الجميع واضحة. إِنْ قلتَ : إِنَّ ما تقومون به مشمول ببيانات الوحي هذه وغيرها ؛ فإِنَّه إِذاعة لسرِّ آل محمَّد صلوات اللّٰـه عليهم ، ونشر لبيانات وحيانيَّة نُهي الإِصحار بها وتداولها عند المُقَصِّرة ومَنْ لا يحتملها فضلاً عن المغرضين والنَّواصب وأَعداء أَهل البيت عليهم السلام ، ومن ثَمَّ وجب عدم التَّعَرُّض لها والتَّحَدُّث عنها. قلتُ : إِنَّ هذه البيانات الوحيانيَّة الشَّريفة ناظرة لحالة قبل النشر واشتهار وتفشي ما تعرَّضنا له من بياناتٍ وحيانيَّةٍ ، أَمَّا بعد أَنْ انتشرت واشتهرت وتفشَّت في الكُتُب وفي المصادر الحديثيَّة ـ كما عليه الحال في يومنا هذا ـ ووقعت في يدِ مَنْ هبَّ ودبَّ ، لاسيما المُغرضين والمُقصِّرة والمُستضعفين ، والنَّواصب وأَعداء أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم وجب على مَنْ له المِكْنَة الدفاع عنها ، وبيان فلسفتها ونكاتها ونتفها المعرفيَّة والعلميَّة والعقليَّة ، لتُدفع أَو تُرفع الشبهات والإِشكالات والتساؤلات الَّتي يمكن أَنْ تُثار ، بل وتُثار عليها ، وما يمكن أَنْ يُحوم حومها. /طبقات تحمُّل علوم أَهل البيت عليهم السلام / وبعبارة أُخرىٰ : أَنَّ بعض ما أُعطي لأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم لا يحتمله ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 74 : 270/ح1. (2) المصدر نفسه ، 26 : 16/ح2. (3) بصائر الدرجات ، 2 : 224 ـ 226/ح1338 ـ 5. دلائل الإمامة ، الطبري : 224 ـ 226/ ح151. الاختصاص : 271 ـ 272. (4) بحار الأَنوار ، 2 : 79/ح75. (5) المصدر نفسه : 75/ح51. (6) بحار الأَنوار، 2 : 79/ح73