الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (1 ـ 200 ) | معارف ألهية(41)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

معارف ألهية(41)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

25/02/2024


الدرس : (41) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، وعن المُقدِّمة الخامسة في الدرس (22 ـ 37 )، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، وعن المُقدِّمة السَّادسة في الدرس (38 )، وكانت تحت عنوان : (هيمنة المخلوق المُتقدِّم وعلوّ كمالاته) ، وعن المُقدِّمة السَّابعة في الدرس (39 )، وكانت تحت عنوان : (أَنواع الإِحاطة) ، ووصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى ) في هذا الدرس الى المُقدِّمة الثامنة ؛ فنقول : / المُقدِّمة الثامنة: / / غائيَّة الخالق (عزَّ وجلَّ) تختلف عن غائيَّة المخلوق/ إِنَّ غائيَّة الخالق تختلف عن غائيَّة المخلوق ، فغائيَّته تعالىٰ : أَنَّ الكُلَّ يستعينُ به (جلَّ وتقدَّس) ، ويتوجَّه إِليه وإِنْ كان ملحداً أَو كافراً أَو عابدِ وثنٍ ؛ شعر بذلك أَم لا ، فإِنَّ من فرَّ منه (تقدَّست أَسماؤه) كرَّ إِليه ، فلا ملجأ منه إِلَّا إِليه ، فمَنْ أَلحد أَو أَشرك أَو كفر به أَو عصاه فقد هرب منه ومن أَسمآء الجمال والرَّحمة الإِلٰهيَّة والتجئ إِليه وإِلى أَسماء الجلال والقهر والعذاب الإِلٰهيَّة ، فالمطيع يتوجَّه إِليه (عظمت آلاؤه) ويستعين به من خلال الاسم الإِلٰهي : (الرحمٰن ، والرحيم ، والغفَّار ، والوهاب ، والرزَّاق ، والباسط ، والرافع ، والمُعزّ ، والشكور ، والحفيظ ...) ، بخلاف المُلحد والمُشرك والكافر والعاصي ، فإِنَّهم يتوجَّهون إِليه (جلَّ اسمه) ويستعينون به من خلال الاسم الإِلهي : (القهَّار ، والقابض ، والمُذِل ، والمقيت ، والمنتقم ، والمانع ، والضَّار ...) ، فكلٌّ يعبُد اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ وليس الاسم ـ ويستعين ويلوذ به ، ويتضعضع ويخشع وينقاد ويفتقر إِليه ، ويستمدُّ منه ، لكن ليس الجميع : عبادة واستعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد طائع وطاعة ، وإِنَّما بعضها : استعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد معصية وعاصي. وإِلى كُلِّ هذا تشير بيانات الوحي الإِلٰهي ، منها : 1ـ بيان قوله عزَّ ذكره : [إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا](1). 2ـ بيان قوله جلَّ ذكره : [وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا](2). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ قد اتَّضحت. 3ـ بيانه جلَّ ثناؤه : [فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيم](3). ودلالته قد اتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ (وجه اللَّـه) تارة وجه رحمة ونعمة ، وأُخرىٰ عذاب ونقمة. 4ـ بيان الإِمام الصادق عليه السلام ، عن حماد بن عمرو النصيبي ، قال : «سألتُ جعفر بن مُحمَّد عليهما السلام عن التوحيد ، فقال : واحد ، صمد ... معروف عند كُلّ جاهل...»(4). ودلالته قد اتَّضحت أَيضاً. إِذنْ : جملة المخلوقات وفي كافَّة العوالم تتَّجه بفطرتها إِلى ساحة القدس الإِلٰهي شعر بذلك المخلوق أَم لا ، لكن : العاصي يتَّجه بفطرته إِليه (جلَّ قدسه) من جهة صراط الجحيم وبئس الورد المورود. وبالجملة : أَنَّه ليس لمخلوق البتة ـ وإِنْ كان غيّاً غاوياً ـ انقطاع تام عن اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ (عزَّ اسمه) ، بل لا بُدَّ له من الاتِّجاه والتوجُّه إِليه (عزَّ وجهه) والإِستعانة به ، لكنَّ اتِّجاه وتوجُّه العاصي ليس إِتِّجاه وتوجُّه واستعانة لدار الجنان وبأسماء الجمال ـ خلافاً لِـمَا توهَّمه ابن عربي وجملة من العرفاء والصوفيَّة ـ وإِنَّما اتجاه واستعانة إِلى قذف نفسه بين أَغلال ودركات وأَطباق عذاب نار الجحيم ، وبأَسماء الجلال ـ كـ : اسم المنتقم والجبَّار ـ . / تفسيرٌ آخر لبيان أَمير المؤمنين عليه السلام المُتقدِّم/ ومنه يتَّضح : وجهٌ وتفسيرٌ آخرٌ لبيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه المُتقدِّم : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مريم : 93. (2) النساء : 78. (3) البقرة : 115. (4) بحار الأَنوار ، 4 : 286/ح18